Kamis, 28 Agustus 2008

الطريقة النقشبندية

الطريقة النقشبندية

تأليف
عبد الرحمن محمد سعيد دمشقية


نشر
موقع الفرقان
www.frqan.com


المقـــدمــــة

الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهذه رسالة أخرى عن الطريقة النقشبندية تختلف كثير ا جدا عن الرسالة القديمة التي كنت قد الفتها منذ خمس عشرة سنة.
وهذه الرسالة تتضمن حقائق خطيرة لم يمكن الاطلاع عليها من قبل. فإنه عندما كتبت كتاب النقشبندية منذ خمس عشرة سنة، لم يكن عندي من المراجع عن هذه الطريقة إلا ثلاثة. ولذلك فإنني أعتبر ذلك الكتاب القديم نسخة ملغية ولا اعتبار لها مقابل هذه الرسالة الجديدة.
لقد كنت أجمع لفترة طويلة كل ما أجده عن هذه الطريقة من مؤلفات النقشبنديين أنفسهم.
واليوم وبعد أن توافر عندي عشرات المراجع التي لا يستطيع القوم إنكار نسبتها إلى أكابر مشايخهم، قررت أن أعيد تأليف رسالة عنهم تغني تماما عن الكتاب القديم الذي كنت قد الفته. وقد امتازت هذه الرسالة على سابقتها بكثرة الرجوع الى مؤلفات مشايخهم.
وقد يقول قائل من عامة أتباع الطريقة: نحن على هذه الطريقة منذ سنوات طويلة ولم يعلمونا شيئا من هذه النصوص التي ذكرتها عنهم.
وأقول: سلوهم: أليسوا يقسمون إلى عوام وخواص وخواص الخواص؟
الم يصرحوا في كتبهم بأن (لا اله إلا الله) توحيد العوام وأن (لا هو إلا هو) توحيد الخواص( )؟
فأنتم عندهم من العوام وهم يكتمون عنكم علوما ينتظرون أن تترقوا إلى مرتبة الخواص حتى يبوحوا لكم بها.
والجاهل بالشيء ليس حجة على من قضي الشهور والسنين في متابعة وقراءة كل كتاب صدر عن هذه الطائفة. واحتج على القوم بكتبهم وبأرقام صفحاتها.
فاسألوهم: هل هذه الكتب التي أحلنا عليها معتمدة لديكم؟ واليها قائمة بها:
• كتاب الأنوار القدسية في مناقب الطريقة النقشبندية. العبد المجيد الخاني جمع إبراهيم السنهوتي.
• إرغام المريد في شرح النظم العتيد لتوسل المريد برجال الطريقة النقشبندية الخالدية الضيائية ط: مطبعة بكر افندي بدار الخلافة سنة 1328 هـ.
• أوراد الذاكرين أوراد الطريقة النقشبندية لمحمد الحبش (مكتبة دار المحبة).
• البهجة السنية في آداب الطريقة الخالدية العلية النقشبندية لمحمد بن عبد الله الخاني ط: مكتبة الحقيقة بتركيا.
• تفسير سورة التين. كتب عليها « يوزع مجانا عن روح إبراهيم ومحاسن وناريمان فولادكار».
• تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب ط: دار إحياء التراث العربي.
• جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم وأوصافهم وأصول كل طريق ومهمات المريد وشروط الشيخ طبع بالمطبعة الجمالية بمصر سنة 1328.
• جامع كرامات الأولياء: للنبهاني. ط: دار صادر.
• الحجج والبينات في ثبوت الاستغاثة بالأموات ط: مكتبة الحقيقة - اسطنبول.
• الحدائق الوردية لعبد المجيد الخاني ط: المطبعة العامرة بمصر 1308.
• الحديقة الندية في الطريقة النقشبندية لمحمد بن سليمان البغدادي المتوفي سنة 1234 ط: مكتبة الحقيقة
• رشحات عين الحياة لعلي الهروي. ط: المكتبة الإسلامية بتركيا
• السبع الأسرار في مدارج الأخيار لمحمد معصوم النقشبندي. ط: شركة مرتبيه مطبعة سي.
• كتاب الإيمان والإسلام لخالد البغدادي النقشبندي. ط: مكتبة الحقيقة بتركيا.
• المكتوبات الربانية للسرهندي. ط: دار الكتب العلمية.
• المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية لمحمد أمين الكردي.
• المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية لمحمد أمين الكردي.
• نور الهداية والعرفان لمحمد أسعد صاحب زادة.
• السعادة الأبدية فيما جاءت به النقشبندية.
وهم يعتذرون بأنهم لا يعرفون شيئا عن هذه الكتب ولكن الأمر ينتهي عندهم إلى هذا الحد. ولا يبحثون بحثا علميا مجردا من التعصب، بل يعودون للطريقة ويتجنبون الكشف على حقيقة مبادئها كما سطرتها كتب مشايخهم.

أما من كان مهتما لمعرفة الحق اهتماما علميا فاليه أقدم هذا الكتاب وفيه كل ما يعتقده مشايخ هذه الطريقة من كتبهم بأرقام صفحاتها. وليعلم الغيارى على دين الإسلام والمصلحين أن الفكر الرافضي الباطني قد نخر هذه الأمة حتى العظم،
وأنه آن لنا أن ننفض هذا العار إن كنا حقا نريد أن ينصر الله هذه الأمة ويخلصها مما تعانيه من الذل والتخلف وتقدم الأمم الأخرى عليها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
وكتب:
عبد الرحمن محمد سعيد دمشقية

الطريقة النقشبندية
تنتسب هذه الطريقة إلى محمد بهاء الدين شاه نقشبند. واشتق اسمها منه، ومن ثم عرفت به. ولد في قرية بخارى سنة (717-791).
وكانت قبله تنسب إلى عبد الخالق الغجدواني، وسميت كذلك بالمجددية أو الفاروقية نسبة إلى الشيخ أحمد الفاروقي السرهندي، وبالخالدية نسبة إلى خالد النقشبندي الملقب بالطيار ذي الجناحين. وهو الذي نشر الطريقة في بلاد الشام بعد أن تلقاها من الشيخ عبد الله الدهلوي. وقد كان انتشارها مقصورا على بلاد بخارى وما حولها( ).
وهو قد أخذها عن شيخه أمير كلال عن الخواجة محمد بابا السيماسي عن علي الراميتني عن محمود النغوي عن الخواجة محمد عارف الديوكري عن الخواجة عبد الخالق الغجدواني( ).
وهو قد لقب بنقشبند لانطباع صورة لفظ الله على ظاهر قلبه من كثرة ذكر الله، وقيل سمي نقشبند، لأن رسول الله  وضع كفه الشريف على قلب الشيخ محمد بهاء الدين الاويسي نقشبند، فصار نقشا في القلب( ).
تعاليم فارسية
• وأصول الطريقة وتعاليمها فارسية النمط. قام بإخراجها أعاجم من بخارى وطاشكاند ممن كانوا متأثرين بتعاليم الفلسفة، ثم مزجوا هذه التعاليم بالإسلام وكسوها بكساء الشريعة. ومن الأدلة على ذلك ما تجده في هذه التعاليم التي بقيت عناوين تعاليمها بالفارسية حتى في كتب الطريقة العربية:
(هوش دردم) بمعنى حفظ النفس عن الغفلة
(نظربرقدم) بمعنى أن يكون نظر السالك الى قدميه عند المشي.
(سفردروطن) بمعنى سفر السالك من عالم الخلق الى جناب الحق.
(خلوة دارأنجمن) بمعنى المكان الذي يتخلى فيه العبد للتعبد.
(يادكرد) معناه الذكر بالنفي والاثبات.
(بازكشت) أي الهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي.
(نكاهداشت) أي حفظ القلب عن معنى النفي والاثبات عند الذكر.
(يادداشت) أي حضور القلب مع الله( ).
أصول الطريقة مجملا
وأصول الطريقة النقشبندية متوافقة في كثير من تفاصيلها مع الطرق الصوفية الأخرى. فإن فيها من البدع والشركيات والقول بوحدة الوجود وما يحكونه عن أحوال مشايخهم وخصائصهم وتصرفهم المطلق في ذرات الكون، ما لا يشك معه أحد في أن هذه الطريقة إحدى طرق الصوفية الغلاة، الخارجين على الكتاب والسنة، مع إصرار أصحابها بأنها طريقة سنية لا تخرج عن أهل السنة والجماعة شبرا واحدا ( ).
ونقلوا عن الشيخ محمد بارسا (أحد أجلاء أصحاب الشيخ نقشبند) في كتابه فصل الخطاب، أن طريقة الخواجة (شاه نقشبند) حجة على جميع الطرق ومقبولة لديهم، لأنه كان سالكا طريق الصدق والوفا ومتابعة الشرع وسنة المصطفى  ومجانبة البدع ومخالفة الهوى»( ).
ما حكم المعترض على الطريقة؟
وحكموا على من قال: «الطرق الصوفية لم يرد بها كتاب ولا سنة»حكموا عليه بالكفر فقالوا: »وإياك أن تقول: طرق الصوفية لم يأت بها كتاب ولا سنة فانه كفر»( ).
وقال صاحب الحديقة الندية بأن الإنكار على السادة الصوفية سم قاتل قد ورد به الوعيد الشديد وهو علامة إعراض القلب عن الله ويخشى على فاعله من سوء الخاتمة( ).
بل قال السرهندي: « وأشقى جميع الخلائق وأبعدهم عن السعادة الذين يرون عيوب هذه الطائفة( ).
وزعموا أن أحمد بن حنبل أوصى بمجالسة الصوفية لأنهم زادوا علينا - يعني على أئمة العلم - بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة ، وأن الشافعي كان يتردد عليهم ويصفهم بأن عندهم الأمر كله وهو تقوى الله.( ).
ومن الملاحظ تلازم الطرق الصوفية الأربعة بالطريقة النقشبندية وهم: الجشتية والسهروردية والقادرية في حين لا يبدو أنه يسمح للمريد النقشبندي بمبايعة طريقة أخرى غيرها كالرفاعية ( ).
وقد تفرعت من الطريقة النقشبندية عدة طرق وهي الخالدية أو الضيائية نسبة إلى خالد ضياء الدين البغدادي الملقب بذي الجناحين. والضيائية والكبروية والسرهندية أو المجددية، نسبة إلى أحمد السرهندي صاحب المكتوبات.


مبادئ الطريقة
تمتاز هذه الطريقة على مثيلاتها من الطرق بالاعتقادات التالية:
 يعتقد المنتسبون لهذه الطريقة أن المؤسس الأول لها والواضع لأسسها ومبادئها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، بالرغم من أن أبا بكر لا يعرف اسم هذه الطريقة.
وزعموا أن الرسول  قال: « ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر» ( ).
وجرى الصوفية على ربط أنفسهم باسم صحابي، لكي يكتسبوا به صبغة شرعية. فأغلب الطرق الصوفية تلتصق بعلي وسلمان الفارسي رضي الله عنهم. وكل منها تدعي تلقي العلوم المكتومة الباطنة من طريق علي الذي أوتي علم الباطن عن النبي . وهذه محاذاة لطريق الروافض.
فهم يزعمون الكشف والتوفيق والإلهام وحصول القرب من الله. وهذا يمكن تقديم الدليل أنه من الله ويدعيه كثير من المبطلين الذين يتوصلون بدعاوى الكشف الى إقناع العوام وتخديرهم وسرقتهم.
فبضاعتهم في الحديث باطلة. وزاد الكوثري كذبة أخرى وهي أن: عبد الرحيم الهندي رأى في بعض الكتب أن أبا بكر رضي الله عنه كان يستعمل الذكر الخفي على طريقة النقشبندية مع حبس النفس ولا يتنفس إلا في الصباح. وكان يشم الناس رائحة اللحم المشوي فتضرروا من هذه الرائحة ظنا منهم أنه يطبخ اللحم، وشكوا إلى النبي  فأخبرهم أن هذه الرائحة التي يجدونها رائحة كبد أبي بكر وأنه ليس عنده لحم( ).
وعجبا للسرهندي كيف يدعي بأنه « كما أن النبي  كان يأخذ العلوم من الوحي فكذلك هؤلاء الأكابر (مشايخ الصوفية) يأخذونها بطريق الإلهام من الأصل»( ). أي من الله مباشرة. مع أن أبا بكر لم يزعم أنه يأتيه كشف، ولا غيره من الصحابة.
قالوا: ومن أبي بكر تسلسلت إلى طيفور بن عيسى أبي يزيد البسطامي وهذه مرحلة (الصديقية) ومنه إلى خواجة عبد الخالق الغجدواني وهذه المرحلة تسمى (طيفورية) ومنه إلى محمد بهاء الدين نقشبند وتسمى )خواجكانية) ومنه إلى عبيد الله أحرار وتسمى (نقشبندية) ومن محمد بهاء الدين نقشبند إلى الشيخ أحمد الفاروقي وتسمى (أحرارية) ومنه إلى الشيخ خالد وتسمى (مجددية) ومنه إلى خالد النقشبندي، وتسمى (خالدية)( ) وأنشدوا قائلين( ):
سرّ الطرائق ما بين الخـلائق من إحسانه سار للأصحاب سائره
فالنقـشبندي أقواها وأقومها لأنه عن أبي بكر مصادره
وزعموا أنه تم نقل مبادئ الطريقة بعناية عن أكابر السلف كأبي بكر وسلمان الفارسي وجعفر الصادق وبقيت كذلك حتى جاء محمد بهاء الدين الاويسي ثم جاء من بعده الإمام السرهندي (ت 1034) وهو الذي نشر الطريقة في الهند وكتب كتابه المشهور «مكتوبات الإمام» وكتاب «رشحات عين الحياة» لعلي بن الحسن الواعظ الهروي وهذا الكتاب فيه كفريات عجيبة ومع ذلك فهو كتاب عظيم عندهم، احتج به السرهندي الفاروقي النقشبندي والكوثري والخاني( ) واستحسنه واحتج به خالد البغدادي الملقب بذي الجناحين وكتابه مليء بكفر ظاهر لا يقبله مسلم ومع ذلك فان النقشبنديين يثنون عليه ويحتجون به ( )
ثم نشرها في بلاد الشام محمد أمين الكردي. ولا يزال الشيخ أمين كفتارو يعمل على نشر هذه الطريقة في بلاد الشام ولبنان إلى يومنا هذا ( ).
في حين يدعي عبد المجيد الخاني ( ) أن النبي هو واضع أصول الطريقة قائلا:
رجال الطريقة الخالدية الأولـــى
هم صفــوة الرحمن في كل مشهـد
نبي وصدّيق وسلمان قـاســم
وجعفــر طيفور وخرقاني فارمدي
ويأتي محمد علي الكردي فيدعي أن واضع علم التصوف وطرقه هو الله، وأنه أوحى به إلى النبي  ( ). وفضل أهل التصوف على سائر الخلق واختصهم بطوالع الأنوار فهم الذين يغيثون الخلق. ويلزم من هذه الدعوى أن النبي  كتم هذا العلم ولم يبلغه، وأن أبا بكر وسلمان كتما العلم أيضا.

كيف ينال المرء مرتبة الصديقية؟
فالصديقية مرتبة عظيمة ولكن: كيف ينالها المرء؟
قالوا: لا يكون الصديق صديقا حتى يشهد عليه سبعون صِدّيقا بأنه زنديق( ).
ونقلوا عن بهاء الدين شاه نقشبند أن بداية الطريقة النقشبندية: نهاية الطرق الأخرى( ).
وأوجبوا على الناس دخول طريقتهم وهددوا من لا يدخل الطريقة النقشبندية بأنه يكون على خطر من دينه فنقلوا عن بهاء الدين شاه نقشبند أنه قال « من أعرض عن طريقتنا فهو على خطر من دينه»( ).
وهم يطعنون في الطرق الأخرى فيقولون عن الطريقة الرفاعية: ومن المدعين للطريق جماعة وسموا أنفسهم بالمشايخ الصادقين... كالأحمدية والدسوقية والرفاعية... فان الغالب على هؤلاء مخالفتهم لطريق من انتسبوا إليه.
 وتبقى وشائج الاتصال بين الأحياء وبين الأموات من سلسلة مشائخ الطريقة ابتداء من الانضمام إلى الطريقة وأخذ العهد والبيعة، وتدوم الصلة بين المنتمين إليها دائما بسلسلة مشايخ الطريقة الأموات. فمن روحانيتهم يطلبون المدد ويتلقون المعرفة والأدب. ولهم تتم المبايعة، وتختتم مجالس ذكرهم بإهداء ثواب ذلك الختم لسلسلة مشايخ الطريقة فردا فردا ( ).
ولهذا كان الشيخ بهاء الدين نقشبند يجتمع بأرواح سلسلة المشايخ النقشبندية ويأخذ العهد والولاية والتكليف منهم في المقبرة ( ).
 الحرص على الذكر الخفي والتركيز على أن يكون الذكر بالقلب ويسمونه القلب الصنوبري. وعندهم ما يسمى بالورد الخفي يكون بعد صلاة الفجر. وزعموا أن اللائق بالمبتدئ هو الذكر الجهري فإذا ما ترقى إلى المقامات العلا فانه حينئذ ينتقل منه إلى الذكر الخفي( ).

السجود للكعبة التي تزور الأولياء في الله
وقد شبه محمد أمين الكردي الشيخ بالكعبة: « يسجدون إليها والسجود لله: فكذلك الشيخ»( ).
وهذا تحريف لمعنى الوسيلة في القرآن. والثابت عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي وابن زيد في قوله تعالى ابتغوا إليه الوسيلة « أي: تقربوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه» قال ابن كثير « وهذا الذي قاله الأئمة لا خلاف فيه»( ).
والكعبة مسجود إليها عند القوم فقد قال السرهندي الفاروقي شيخ الطريقة النقشبندية ومجددها الأكبر: « إن حقيقة الكعبة الربانية صارت مسجودا إليها للحقيقة المحمدية... وكما أن صورة الكعبة مسجود إليها لصور الأشياء، كذلك حقيقة الكعبة مسجود إليها لحقائق الأشياء، فإن حقائق الأشياء عبارات عن الأسماء الإلهية... وحقيقة الكعبة فوق تلك الأسماء»( ).
وقد ذكر أن الكعبة قد تذهب للطواف حول أولياء الأمة وتتبرك بهم.
قال الغزالي « ومنهم من تأتي الكعبة إليه وتطوف هي به وتزوره» (إحياء علوم الدين 1/269
وذكر النبهاني أن الكعبة أتت إلى ابن عربي هي والحجر الأسود وطافت حوله ثم تلمذت له وطلبت منه ترقيتها إلى المقامات العليا فرقاها، وناشدها أشعارا وناشدته (جامع كرامات الأولياء 1/12).
قال ابن عابدين النقشبندي: « وفي البحر عن عدة الفتاوى الكعبة إذا خرجت من أرضها لزيارة أصحاب الكرامة ففي تلك الحال جازت الصلاة إلى أرضها» (حاشية ابن عابدين 1/302 المطبعة الأميرية). فهذا إجماع من الصوفية بأجمعهم على أن الكعبة تقتلع من الأرض وتذهب شرقا وغربا حيث مقامات الأولياء وأضرحتهم لتتبرك هي بهم.
علاقات خاصة مع الكعبة
وقال محمد المعصوم: « لما دخلت المسجد الحرام رأيت جماعة من الرجال والنساء على غاية من الحسن يطوفون معي باشتياق وتقرب شديد بحيث يقبلون البيت ويعانقونه في كل وقت. أقدامهم على الأرض ورؤسهم بلغت عنان السماء، فتبين لي أن الرجال ملائكة والنساء من الحور العين.
ورأيت الكعبة تعانقني وتقبلني باشتياق تام... ولما فرغت من الحج جاءني ملك بكتاب بقبول الحج من رب العالمين... ولما دخلت المدينة المنورة، فلما وقفت رأيت النبي  قد خرج من الحجرة المطهرة وعانقني... ثم ظهرت نسبتي: ورأيت جميع العالم من العرش إلى الثرى منورا من نوري. قال الخاني: « وكان هذا الشيخ يوصل الطالب إلى الفناء في أسبوع»( ).
بل تكاد العلاقة بينهم وبين الكعبة تكون شيئا آخر. قال عبد الكبير: « قويت في علاقة المحبة بالكعبة بحيث لم يكن لي صبر ولا قرار في محل آخر. وبينما أنا في الطواف إذ هبت الريح وحركت أستار الكعبة وانكشفت بعض جدرانها فحصل لي منه «كيفية».
وظهرت مني صيحة وسقطت مغشيا علي، فلما أفقت قمت بالخجالة والانفعال وتوجهت نحو حضرة الشيخ وأردت أن أشكو إليه بعض ما بي من هذه العلاقة - أي مع الكعبة - فقال لي: يا عجمي: ايش لك مع البيت؟ فبكيت وتوسلت به «بحسب الباطن»
فقال: ما ترى في البيت فهو غير محدود بل هو في الجبال وفي الجدار وفي السماء وافي الأرض وفي الحجر وفي المدر: موجود ومشهود بل كل ذلك هو هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو الله الذي لا اله إلا هو»( ).
اتخاذ الوسيلة على نمط الأديان الأخرى
والجواب على هذا السؤال مطابق لما يقوله النصارى حرفا بحرف. فقد أجاب محمد أسعد صاحب زادة عن هذا السؤال قائلا « لما كان الطالب في الابتداء في غاية التدنس، وجناب قدسه تعالى في كمال التقديس، صارت المناسبة التي هي الإفاضة مفقودة، فلا بد من مرشد كامل بصير بالطريق يكون برزخا، ويكون له حظ وافر من الطرفين حتى يصير واسطة لوصول الطالب إلى المطلوب»( ).

من لا شيخ له فهو كافر وفاسق عندهم
بل صرحوا بأن كل من لم يتخذ له شيخا فهو عاص لله ورسوله ولا يحصل له الهدى بغير شيخ، ولو حفظ ألف كتاب في العلم( ).
بل حكموا عليه بالكفر فقالوا: « من لا شيخ له فشيخه الشيطان، ومتى كان شيخه الشيطان كان في الكفر حتى يتخذ له شيخا متخلقا بأخلاق الرحمن»( ).
وهذا شبيه بما نسبه النصارى إلى المسيح أنه قال: « أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يستطيع أن يأتي إلى الأب إلا بواسطتي« (يوحنا 14: 6) وليس في الإسلام شيء يمنع من الوصول إلى الله. ولا واسطة تحول بين الله وبين عباده.
نعم، الشيخ ضروري لطلب العلم منه، لا لوضع صورته في الخيال عند الله! ولا لفتح باب الكشف والوحي والاتصال بغير الله.
الطريق إلى الله مسدودة إلا بالشيخ
وزعموا أنه لا وصول للمريد إلى الله إلا بواسطة الشيخ لأنه بزعمهم بابه إلى حضرة الله تعالى ووسيلته إليه، وهو نائبه عن النبي  قالوا:
« الوصول إلى الله لا يمكن أن يتم بغير صحبة العالم العارف، بل هو المظهر الذي عينه الله للمريد»( ). فان الشيخ يجذب المريد جذبة إلى الله تسمى بالجذبة الإلهية ولا تحصيل لهذه الجذبة إلا بصحبة الشيخ( ). والشيخ كالميزاب ينزل الفيض من بحره المحيط إلى قلب المريد( ).
نموذج من الشرك في عقيدة الطريقة
أما عن الله فيصرحون بأن الصوفي الحقيقي هو الذي لا حاجة له إلى الله. قالوا « وسئل [أي بهاء الدين نقشبند] عن قولهم [أي الصوفية] الفقير هو الذي لا يحتاج إلى الله. فقال: المراد منه كما قال إبراهيم: « حسبي من سؤالي علمه بحالي»( ).
وأما إلى غيره من المخلوقات فالحاجة الماسة.

يصرحون بعدم الحاجة إلى الله
ولقد صرح كبار الصوفية بعدم حاجتهم إلى الله تعالى فانه لما سألهم سائل عن علامة الصوفي (الفقير) قالوا « أن لا يكون له إلى الله حاجة» ذكره القشيري والسهروردي( ).
وقد استبعدوا أن يكون هناك من يغيث الخلق غير النبي محمد، وقد أخرجوا الرب بذلك من حسابهم: من رغبتهم ورهبتهم. فتوجهوا إلى النبي  قائلين:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
يـــا حبيب الإله خذ بيدي مــا لعجزي سواك مستندي ( )
ماذا تتضمن مجالس ذكر النقشبندية
وتتضمن مجالس النقشبندية التوجه الى النبي وأهل بيته بغفران الذنوب وقضاء الحوائج. وهي مجالس شبيهة بمجالس الشيعة.
واليكم بعض الأناشيد التي يغنونها في مجالسهم يتوجهون فيها إلى أهل البيت وهي مسجلة لدي بصوتهم. وهنا يخاطبون النبي عليه الصلاة والسلام فيقولون:
يا رسول الله
وقفت بالذل في أبواب عـزكم مستشفعاً لذنوبي عندكم بكم
أعفر الخد ذلا في التراب عسى أن تقبلوني وترضوا عن عبيدكم
فإن رضيتم فيا سعدي ويا شرفي وإن أبيتم فمن أرجو غيركـــم
أنا المقر بذنبي فاصفحوا كرما فبانكساري وذلي قد أتيتكــم
نسيت كل طريق كنت أعرفهــــا الا طريقا تؤدي لحيكـــم
لا تطردوني فإني قد عرفت بكم بين الورى اُدعى بصبكــم
* * * * * *
يا ال طه إني عبد ذليـــــل
منكـم أرجو استتار فضائحـي
يا ال طه نظرة لي بالنبــــي
منكم بها تقضى جميع مصالحي
أنتم كرام الدهر كل من التجــا
بجنابكم يـــا سادتي لم يفضح
والله طهركم وأذهب عنكم رجساً
وفضلكــم بطـــه الاسمـح
* * * * * *
وقالوا:
يا من له في الكون من حاجة عليك بالتوسل بالسيدة الطاهرة
نفيسة والمصطفى جدها أسرارها بين الـورى ظاهرة
في الشرق والغرب لها شهرة أنـارها ساطعـة فاهرة
كم من كرامات لها قد بدت وكم من مقامات لها فاخرة
عابدة زاهدة جامعة للخير في الدنيا والآخرة
تتلو كتاب الله في لحدها وهي لمن قد زارها بعون الله ناظرة
في كم من قطر قد سما ذكرها عاملة فائقة ماهرة
يسقى بها الغيث إذا ما القرى قد هطلت في سحبها الماطرة
* * * * * *
وأما أعداء المسلمين فالأناشيد كفيلة بالقضاء عليهم. يقولون:
يا رب بموسى اجعل رأس المشركين منكوسا
يا رب بيحيى وزكريا دمر جسور الشيوعية
يا رب بحق أيوب خلصنا من الذنوب.
يا رب بحق داود أقهر أشرار اليهود
 وقد أنشد عبد المجيد الخاني في الحدائق الوردية يقول للنبي 
يا شفيع الخلق في اليوم العسير ومجير الناس من نار السعير
أنت روح الكون لولاك لما خلق الأفلاك مولاك القدير
أنت مقصود الوجود المصطفى أنت بين الرسل البدر المنير
وأنا عبد ضعيف مذنب مستجير بحماك المستنير
وحماك الملجأ المقصود في كل حال من صغير وكبير
فأغثني يا غياث الأنبياء ليس لي غيرك والله نصير
واستجب لي وقتي ما أشتكي وأجرني منه يا خير مجير
يا أبا الزهراء كن لي منقذا يوم لا يغني كبير عن صغير
من لهذا المذنب العاصي اذا لم يجره أحمد الهادي البشير
وهو ذخر العالمين المرتجى عاصم العاصي من الهول المبير
وهو كاف للبرايا كافل للعطايا ظاهر المجد ظهير
أنا عبد من عبيد الباب بل أنا في الأعتاب كلب يستمير
بل أنا عبد كلاب سكنت طيبة الطيبة النشر العبير
عطف الله علينا قلبه وجزأه كل خير من نذير
حين قلت حيلتي: قلت له يا عريض الجاه اني مستجير
فهو عوني وهو غوثي وبه أتقي اليوم العبوس القمطرير
وقال أيضا:
وأنت غياث كل الخلق طرا وجاهك ذلك الجاه الكبير
إذا عطف النبي فكل أمر عسير من عواطفه يسير
بسطت يدي مفتقرا إليه وقلبي بالإجابة لي قرير
فحاشا أن يرد يدي صفرا ومن أخلاقه الجود الغزير ( )
وبينما يقولون عن الله: يا كاشف المهمات
يصفون رسول الله  بنفس الصفة قائلين:
محمد زينة الدنيا وبهجتها محمد كاشف الغمات والظلم( )
وبينما يخاطبون الله قائلين:
يا من يغيث المستغيث إن لم تغثنا من يغيث
تجدهم في نفس الكتاب يخاطبون محمدا  قائلين:
ما مد لخير الخلـــق يـــدا أحد إلا وبه سعــــدا
فلـذاك مـددت إليه يــدي وبذلك كنت من السعـدا
باب لله سمـا وعــــــلا شرفا وامتاز بكل عـلا
والكل بدعـــــوته اتصـلا بالله وحاز به المــددا
إني في العسـر وفـي اليســر بحماه الوذ مدى العمـر
وأقول أغثني يا ذخــــري وأنلني من كفيك نـدى( )

عقيدة القبور
وللقبر شأن عظيم عند الصوفية عموما، فهو الوسيلة إلى الله، وهو موطن البركات وموضع قضاء الحاجات، والمتوجه إليه في الدعوات. فهذه عقيدة مصدرها ما قاله محمد أمين الكردي:
وكل شأن من شؤون العبادة وطلب العلوم والكشوفات مرتبط بالقبور، بل تلقي العلوم وفيضها والبيعة والتكليف واستمداد كل خير مرتبط بالقبر.
فانهم يعتقدون أن الروحانيات تجتمع في ذلك كاجتماعهم في المنام وبعد الممات، وهو عالم اللاهوت الخارج عن عالم الأجسام والأرواح والخلق( ).
وقد حصل للشيخ بهاء الدين نقشبند التكليف والولاية حينما اجتمع بسلسلة مشايخ النقشبندية الأموات في المقبرة. وأخذ طريقة الذكر الخفي من الغجدواني الميت في المقبرة( ).
« قال بعض المشايخ: إن الله يوكل بقبر الولي ملكا يقضي الحوائج وتارة يخرج الولي من قبره ويقضيها بنفسه» ( ). هكذا جاء إسنادها موقوفا على المشايخ ولم يرفعوا السند إلى شيء من كتاب ولا سنة. بل يزعمون أن الولي يخرج من قبره وكأنه ما يزال حيا حياة دنيوية حقيقية.
ولهذا صرحوا بأن المقصود من زيارة قبور الأنبياء والأولياء « الزيارة والاستمداد وسؤال المغفرة وقضاء الحوائج من أرواح الأنبياء والأئمة عليهم السلام والعبارة عن هذا الإمداد بالشفاعة»( ).
ويناقض ذلك ما جاء في الفتاوى البزازية أن « من قال إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر. وقال الشيخ فخر الدين أبو سعيد عثمان الجياني: « ومن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله واعتقد بذلك فقد كفر» ( ). ولا تنسى أن أكثر أتباع هذه الطريقة مقلدون للمذهب الحنفي ومنتسبون إليه ولكن أين هم من هذه الفتوى الحنفية؟
وقد كذبوا على الشافعي وزعموا أنه قال: « قبر معروف الكرخي: الترياق المجرب»( ).
وجعلوا الخضر الذي تلقى عنه موسى متمذهبا بالمذهب الشافعي( ).
قال الشيخ الكردي: « وما يفعله العامة من تقبيل أعتاب الأولياء، والتابوت الذي يجعل فوقهم فلا بأس به إن قصدوا بذلك التبرك، ولا ينبغي الاعتراض عليهم لأنهم يعتقدون أن الفاعل والمؤثر هو الله، وإنما يفعلون ذلك محبة فيمن أحبهم الله تعالى»( ) .
وقال الكردي: « ولما مات الشيخ بهاء الدين نقشبند بنى أتباعه على قبره قبة عظيمة وجعلوه مسجدا فسيحا» ( ). قال » ولم يزل يستغاث بجنابه ويكتحل بتراب أعتابه ويلتجأ إلى أبوابه( )».
وزعموا أن الله أكرمه بأن جعله في قبره يشفع إلى مسافة مائة فرسخ من جهات قبره الأربع بينما الشيخ علاء الدين النقشبندي يشفع إلى أربعين فرسخا فقط( ).
ويقترح الكردي على زائر قبور الأولياء الآداب التالية:
 أن يسلم أولا على الولي المقبور ثم يقف مستقبلا القبر، مستدبرا القبلة ثم يقرأ الفاتحة مرة واحدة وسورة الإخلاص إحدى عشرة مرة وآية الكرسي مرة ويهب ثوابها إليه ثم يجلس عنده ويجرد نفسه عن كل شيء حتى يصير لوحا ثم يتصور روحانيته نورا مجردا ويحفظ ذلك النور في قلبه حتى يحصل له فيض من فيوضاته. ويستعين على ذلك بالاستمداد من روحانية شيخه أولا وجعلها واسطة بينها بين المزور» ( ).
ويستطيع زائر قبور المشايخ الاستفادة منهم وأخذ الفيض والمدد منهم سواء كان قريبا منهم أم بعيدا عنهم فانه « لا يمنع البعد الصوري في الحقيقة عن التوجه إلى الأرواح المقدسة وبرهان ذلك قوله  : وصلوا علي حيثما كنتم»( ).
محمد بهاء الدين شاه نقشبند
وهو رأس الطريقة وتسمى باسمه. يصفه الكردي بأنه « الغوث الأعظم». اجتماعه بالأرواح والأشباح.
وكان الشيخ بهاء الدين نقشبند يجتمع بأرواح سلسلة المشايخ النقشبندية وأخذ العهد والولاية والتكليف منهم في المقبرة ( ) وتلقن الذكر الخفي من روحانية الشيخ عبد القادر غجدواني، وهذا ليس عجيبا فإن الروحانيات تجتمع بعد الممات وهو عالم اللاهوت الخارج عن عالم الأجسام. قال الخاني « ولم يجتمع بهاء الدين نقشبند مع الغجدواني في عالم الأجسام لأن بينهما خمس وسائط من رجال السلسلة» ( ).
القبر مصدر التلقي
ويحكي النقشبنديون كيفية حصول العلم وتلقي الحكمة من القبور فيقولون:
إذا أراد المريد أن يزور قبور الصالحين ويستمد من روحانيتهم المقدسة فينبغي له:
أن يسلم على صاحب القبر.
أن يقف في طرف اليمين قريبا من رجليه ويضع يده اليمنى على اليسرى فوق سرته ويطرق رأسه على صدره
أن يقرأ الفاتحة مرة والإخلاص إحدى عشر مرة وآية الكرسي مرة.
أن يتصور روحانيته نورا مجردا عن الكيفيات المحسوسة ويحفظ ذلك النور في قلبه حتى يحصل له فيض من فيوضه( ).
وزعموا أن السلف الصالح أباحوا البناء على القبور( ) وهذه كذبة واضحة على الكتاب والسنة وإجماع الصحابة فإنهم ما اختلفوا في تحريم البناء على القبور، واحتجوا في ذلك بكتب الزيدية الذين أفتوا بأنه يكره البناء على قبور غير المشهورين بالولاية .
وزاد محمد علي الكردي على ذلك فزعم حرمة البناء على المقبرة إلا لنبي أو شهيد أو عالم أو صالح( ).
مصادر التلقي عند الطريقة
• مدار الطريقة على حصول المعرفة وترقي المقامات العليا والفناء في ذات الله الذي لا إخلاص يتم بدونه( ). وليس بتعلم العلم. فان العلم علمان: علم الوراثة وهو علم الظاهر، وهو يحصل لمن جد واجتهد في طلبه.
• والعلم اللدني. ويسمى علم الباطن ولا ينال إلا بالتقوى واليه الإشارة بقوله تعالى  واتقوا الله ويعلمكم الله. وهذا العلم اللدني يناله العارف بمحض العناية الإلهية وليس بالتعلم( ). بل إن هذا العلم يتلقاه الولي من الحي القيوم بلا واسطة( ).
• قال السرهندي كبير النقشبنديين « واعتقدوا الأذواق»( ) أي الكشف وما يميل إليه الهوى. وقال الدوسري على هامش المكتوبات بأن الصوفية « علومهم حاصلة من الحق بلا واسطة... كما قال بعض العارفين مخاطبا لأهل النظر: أخذتم علمكم ميتا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت»( ).
• وقد خالفوا بذلك صريح قول النبي « إنما العلم بالتعلم». زاعمين أن العلم الموروث عن النبي  لا علاقة له بالتقوى. وإنما التقوى هي هذا العلم الباطن الذي يروج له الباطنيون.
• وهذا كله لا يتم عندهم بالتعلم والتعليم. وإنما يحصل بهذه العوامل:
• الفيض من أرواح سلسلة رجال الطريقة الأموات.
• مقابلة قلب الشيخ للمريد.
• المحاذاة: أي محاذاة الشيخ حيث يسمع ما يقوله ولو من غير الحضور معه فانه يسمع كلامه كما حكى ذلك الكوثري عن أحمد الكمشخاتلي صاحب جامع الأصول( ).
• المنامات والرؤى والأحلام.


موقفهم من التعليم والتعلم
ومع أن الطريقة مبناها على العلاقة بين الشيخ والمريد فان الشيخ ليس للتعليم وإنما هو لتحصيل الواسطة وتنظيم العلاقة بين المريد وبين الله ووضع صورة الشيخ في مخيلة المريد. ونحن لا نعلم دينا يوجب صورة شخص كشرط للوصول إلى الله إلا تصاوير هبل ويغوث ويعوق. ولهذا نهى الإسلام عن اتخاذ التصاوير لأن المشركين اتخذوها وسيلتهم للوصول إليه. بل هذا فيه إبطال لقوله تعالى  وإذا سالك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فالله أقرب إلى المريد من الشيخ، ولم يقل وإذا سالك عبادي عني فان لي أولياء يجيبون دعوة الداع إذا دعاهم.
وفي الحديث « لتتبع كل أمة ما كانت تعبد» فيتبع الذين كانوا يعبدون الشمس: صورة الشمس.. وهكذا. ويدخل في هذا الحديث من كانوا يضعون صورة الشيخ في مخيلتهم عند ذكر الله تعالى فيتبعون يوم القيامة صورته حتى توصلهم إلى جهنم.
بل يمكن للشيخ أن يربي مريده بالروحانية من غير أن يجتمع به اجتماعا حسيا. وزعموا أن النبي كان يربي أويسا القرني بمثل ذلك( ).
طعنـهم في العلم
• والعلم عندهم مشغلة لا توصل إلى المطلوب ذلك أنهم يحصلون العلوم الجمة في ساعات وليس كأحمد والشافعي وأبي حنيفة الذين استغرق طلبهم للعلم عشرات السنين.
• وقد أكدت كتب النقشبندية هذه الحقيقة فحكوا عن أبي يزيد قوله الموجه لأهل الحديث وطلبة العلم « أخذتم علمكم ميتا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت»( ). وحكى القشيري عن أبي بكر الوراق قوله « آفة المريد ثلاث: التزوج وكتابة الحديث والأسفار» وذكر أن أحد الصوفية سئل عن سوء أدب الفقير - أي الصوفي - فقال « انحطاطه من الحقيقة إلى العلم»( ).
وهل الأموات الذين أخذ عنهم أهل الحديث إلا تابعون أخذوا عن الصحابة وأخذ الصحابة عن رسول الله الذي اشترط الله لطالب الهداية اتباعه فقال وان تطيعوه تهتدوا؟
• قالوا « فلا سبيل للوصول إلى الله تعالى ولا يقدر أن يتوجه إليه إلا بواسطة الشيخ بل هو أقرب الطرق للوصول إلى الله: والتقرب إلى الله يكون بمشهده ومسجده وبلدته وعصاه وسوطه ونعله. وهذا موجب للقرب إلى الله ومقتض للشفاعة( ).
• وهذا عودة إلى المبدأ الجاهلي القديم أن القربى إلى الله لا تحصل إلا بوسيط قال تعالى والذين اتخذوا من دونه أولياء: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى وركوب لسنن من كان قبلنا كالنصارى القائلين: المسيح هو الطريق إلى الله لا أحد يمكنه الذهاب إلى الله الأب إلا به( ).
• وتسمية هذا الوسيط شيخا تعمية وتمويه فان تعليمه للمريد يمكن أن يكون في دقائق فقد حكوا بأن الوصول عندهم يكون بطريق الجذبة (الدفعة) يدفع الشيخ بها المريد فيصل إلى أقصى المعارف وتزول بها العلقة المظلمة في القلب كتلك التي أخرجها جبريل من قلب النبي( )
• والإسلام لا يعرف شيخا لا يعلم بل يكون صورة لوضع صورته في خيال السالك إلى الله! حسبما تدعو إليه النقشبندية بشدة وتدعي أنه من غير وضع صورة الشيخ في مخيلة السالك إلى الله لا يتم الوصول إلى الله ولا يمكن تحصيل المقامات العلا.
• وقد اعترض على وجوب وضع صورة الشيخ في مخيلة المريد بأنهم لا يمكنهم أن يأمروا المريد بوضع صورة الشيخ في مخيلة المريد إذا كان داخلا في الصلاة. فما الذي يجعل هذا التخيل حراما في الصلاة حلالا في غيرها. وما الداعي إلى رابطة بالله عز وجل غير رابطة الصلاة.
شاه نقشبند يحيي ويميت
وكان يكفي الشيخ بهاء نقشبند أن يقول للرجل « مت» فيموت. ثم يقول له «قم حي» فيعود إلى الحياة مرة أخرى. وذكر قصة طويلة في ذلك وأنه القي إليه أن يقول لصاحبه مت فمات ثم القي إليه أن يقول له عش فأخذت تسري به الحياة شيئا فشيئا ثم عاد إلى الحياة( ).
وقد اعترف السرهندي أن مريدي الطريقة يقولون « الشيخ يحيي ويميت، وأن الإحياء والإماتة من لوازم مقام المشيخة( ).
ويذكر محمد الكردي في تنوير القلوب أن إمداد الشيخ شاه نقشبند لأصحابه حاصل لهم في حياته وبعد موته فلا فرق بين حياته وموته في إمداد أصحابه بكل شيء ودليله قوله تعالى أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم( ).
وكان شاه نقشبند يتمثل هو وكل نقشبندي بأقوال الحلاج ومنها هذا البيت :
كفرت بدين الله والكفر واجب لدي وعند المسلمين قبيح( )
هذا البيت الشعري مشهور ومتداول في كتب النقشبنديين، كيف يكون فيه شيء من الإيمان من يستحسن نقل هذا الشعر الكفري من الحلاج الذي شهد علماء الأمة أجمعهم بكفره؟!!
وسلم أحد الناس عليه فلم يرد عليه السلام ثم اعتذر إليه بعد ذلك بأنه كان مشغولا بسماع كلام الله( ).
وسئل عن الأدب فقال: « الأدب ترك الأدب».( )

أحمد الفاروقي السرهندي
لقد بلغ هذا الرجل من التواضع أن فضل النصارى والكفار عامة عليه فزعم أن كفار الإفرنج أفضل منه لأن في الكافر نورانية بسبب امتزاج عالم الأمر فيه بعالم الخلق( ).
مع أنه فضل نفسه على أبي بكر الصديق وزعم أنه بلغ في العروج مرتبة ارتفع فيها فوق مقام أبي بكر والخلفاء الثلاثة الآخرين. وأن بعض النقشبنديين يجد نفسه أثناء العروج في مقام الأنبياء أنه عرج إلى ما فوق مقام الأنبياء( ).
وكان يقول « كثير ما كان يعرج بي فوق العرش وأرتفع فوقه بمقدار ما بين مركز الأرض وبينه، ورأيت مقام الإمام شاه نقشبند ... قال «واعلم أني كلما أريد العروج يتيسر لي( )».
ويدعي الكشف من الله مع أنه يأتي بما يؤكد أن الكشف من الشيطان فيحتج بأحاديث موضوعة لا أصل لها كحديث « أكرموا عمتكم النخلة»( ).
وينقل عن بعض الموسوسين « ما لم يصل أحدكم إلى حد الجنون لا يصل إلى الإسلام»( ).
إلا صدق الشافعي حين قال « لو أن رجلا تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمقا، وما لزم أحد الصوفية فعاد إليه عقله أبدا»( ).
وزعم أنه التقى بالخضر والياس عليهما السلام وسألهما: أنتم تصلون على المذهب الشافعي فأجاباه بأنهما ليسا مكلفين بالشرائع ولكنهما يصليان على المذهب الشافعي وراء حضرة القطب لكونه شافعي المذهب، ولكن: كمالات الولاية موافقة للمذهب الشافعي بينما كمالات النبوة موافقة لمذهب أبي حنفية.
ثم نقل عن محمد بارسا (نقشبندي كبير) أن المسيح عيسى عليه السلام إذا نزل آخر الزمان سيعمل بمذهب أبي حنيفة( ).


هل يحب رسول الله علم الكلام؟
وبينما يحذر محمد الخاني في البهجة السنية من علم الكلام قائلا « وإياك وتقليد أهل الكلام فانهم ملعبة الشيطان، يدعي أحمد السرهندي الفاروقي أن رسول الله  بشره « بأنك من المجتهدين في علم الكلام»( ). وزعم أن الله ألقى إليه قائلا « إني قد غفرت لك ولمن توسل بك إلي بواسطة أو بغير واسطة إلى يوم القيامة. وقال « أريت الكعبة المطهرة تطوف بي تشريفا منه تعالى وتكريما لي»( ).
ولا يخلو كتاب صوفي من ذكر طواف الكعبة حول الأولياء، ومن عقيدة أهل السنة عند الكوثري جواز ذلك( ).
وأن الله تعالى أعطاه التصرف حتى لو أنه توجه إلى خشبة يابسة لاخضرت وأنه نظر مرة إلى السماء وهي تمطر فقال لها: أقلعي إلى وقت كذا. فحبس المطر إلى ذلك الوقت.
وأن روحانية علي بن أبي طالب جاءته وقال له سيدنا علي: إني بعثت إليك لأعلمك علم السموات. فجمعه بروحانية أبي حنيفة والشافعي وبجميع أساتذتهم فأفاضوا عليه من بركاتهم حتى استغرق في أنوارهم( ).

من الحيوانات شيوخ الطريقة
وحتى الحيوانات فان منها من وصل إلى درجة الولاية الكاملة واعتبر عند الطريقة النقشبندية من شيوخ الطريقة، قال محمد بن عبد الخاني النقشبندي « وأما الحيوانات فلنا منهم شيوخ: ومن شيوخنا الذين اعتمدت عليهم: الفرس، فإن عبادته عجيبة، والبازي والهرة والكلب والفهد والنحلة وغيرهم: فما قدرت أن أتصف بعبادتهم على حد ما هم عليها فيها»( ).

زعمهم أن الله يتشكل بأشكال الحيوانات
حكى صاحب الرشحات أن الشيخ بهاء الدين عمر كان يركب فرسا أبيض في كل الأوقات فسئل عن ذلك فأجاب بأن اختياره للفرس الأبيض لأن بعض التجليات الصورية مشهودا له كذلك. فمثلا وقع التجلي الصوري لموسى في شكل شجرة بالوادي المقدس ووقع التجلي الصوري لنبينا محمد  في صورة شاب مخطط الوجه، وقال الشيخ محي الدين ابن عربي: رأيت ربي على صورة الفرس.
قال: وهكذا فالسالكون يرون الحق سبحانه بالتجليات الصورية، حتى انه يتجلى في جميع صور الاشياء من معادن ونباتات وحيوانات وإنسان... وغاية التجلي الصوري وأفضله أن يتجلى الله للسالك في صورة صاحب التجلي... ومنشأ هذا الظهور قول القائل: سبحاني وأنا الحق، وما في الجبة إلا الله، وهل في الدارين غيري، وأمثال ذلك من أدلة حصول التجلي( ).
ويحكي النقشبنديون قصة متواترة بينهم عن بدايات سلوك محمد بهاء الدين نقشبند طريق التصوف فذكروا أن شيخه أمره أن يشتغل بخدمة الكلاب ومداواتهم قال « فنهضت بأعباء هذه الخدمة سبع سنين. حتى كنت إذا لاقاني في الطريق كلب وقفت حتى يمرّ هو أولا، ثم بعد ذلك أمرني أن أشتغل بخدمة كلاب هذه الحضرة بالصدق والخضوع وأطلب منهم الإمداد. وقال: إنك ستصل إلى كلب منهم تنال بخدمته سعادة عظيمة. فاغتنمت نعمة هذه الخدمة ولم ال جهدا بأدائها حسب إشارته. حتى وصلت مرة إلى كلب، فحصل لي من لقائه أعظم حال فوقفت بين يديه واستولى عليّ بكاء شديد فاستلقى [الكلب] في الحال على ظهره ورفع قوائمه الأربع نحو السماء فسمعت له صوتا حزينا وتأوها وحنينا فرفعت يدي وجعلت أقول آمين حتى سكت وانقلب... ووجدت حرباء فخطر لي أن أطلب منها الشفاعة فاستلقت على ظهرها وتوجهت إلى السماء ( )، وأنا أقول آمين» ( ).
وهذه القصة ما زالت متداولة ومتناقلة بين النقشبنديين في مجالسهم، ولم تعد شيئا منسيا. فقد احتج بها أحد مشايخ النقشبنديين في لبنان في محاضرة له مسجلة بصوته. وهو المسمى رجب ديب.

أقوال صريحة في الكفر
ومن الكفر الصريح ما حكاه صاحب الرشحات قال « جاء مولانا - سعد الدين - يوما حجرتي ورأى مصحفا في الرف:
فقال ما هذا الكتاب؟
فقلت: هو مصحف.
قال: ان ذلك من علامة البطالة فان تلاوة القرآن وظيفة المتوسطين. والصلاة شغل المنتهين وأهم المهمات للمبتدئين: الاشتغال بالنفي والإثبات وترك الأهم، والاشتغال بغيره بطالة
كمن يقرأ الفاتحة في القعود زعما منه أنها أم القرآن»( ).
وقال صاحب الرشحات « قال مولانا - سعد الدين - كان لي أب يمشي في الماء ويضع قدمه على الهواء ولكن لم يكن له رائحة من التوحيد. وحضر مرة مجلسه كثير من الأكابر والعلماء فقال الشيخ: إن الله سبحانه ليس بعالم للغيب، فانفجع أكثر الحاضرين من هذا الكلام وارتعدت فرائصهم حتى تغطى البعض بثوبه من الخوف لكونه خلاف نص التنزيل «بحسب الظاهر»( ).
وقد أقر السرهندي أن قائل هذا الكلام هو عبد الكريم اليمني وابن عربي( ).

يتحدثون عن موت الرب
وسئل شيخهم «مولانا» عبد الرحمن الجامي عن تعبير رؤيا رآها أحدهم وهي أنه رأى في المنام أن الله سبحانه قد مات فما يكون تعبيره؟ فقال: يحتمل أن يكون زال من قلب صاحب هذا المنام وانعدم شيء من أهوائه بموجب قوله تعالى  أفرأيت من اتخذ إلهه هواه( ).
الرب عندهم يصلـــي!!!
ومن مراتب ومقامات الولاية عند النقشبندية مرتبة: حقيقة الصلاة. وهي مرتبة عالية جدا.
قالوا « ولعل فيما ورد في قصة المعراج « قف يا محمد فإن الله يصلي» إيماء إلى حقيقة هذه المرتبة» ثم انتهى إلى أن الله « في الحقيقة هو العابد والمعبود»( ). وهذا تصريح بموافقة ابن عربي في قوله:

الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف

ولقد قال أحد النقشبنديين في لبنان (أحمد بدر الدين حسون) في خطبة له مسجلة عن الإسراء والمعراج فذكر هذه العبارة أن الله يصلي ثم قال ╗ فيا تارك الصلاة، إلا تتشبه بربك؟ إلا تقتدي بربك؟ إن ربك يصلي وأنت لا تصلي؟س.
فها قد زعم النقشبنديون أن الله يصلي فماذا تنتظرون يا مسلمين بعد ذلك. هذه مقولة شنيعة لم يقل بمثلها الكفرة ولا المجوس. وأن الله هو العابد وهو المعبود.

ونقل السرهندي أن السلطان محمود الغزنوي أرسل إلى أبي الحسن الخرقاني النقشبندي يذكره بطاعة أولي الأمر فلما قرأ عليه وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال إني مشغول بطاعة الله بحيث لم أفرغ بعد لطاعة رسول الله»( ).
الجامي يصرح: لا مبدأ ولا معاد
قال السرهندي « ورأيت جماعة من المريدين يستشهد بشعر مولانا عبد الرحمن الجامي قدس الله سره:
ما مبدأ ولا معاد صاح إلا وحدة ما نحن في ذا البين إلا كثرة موهومة( )
مقام الجهل بالله
أما ثمرة وغاية الذكر عندهم حصول الجهل بالله والانتهاء إلى التصريح بأنهم يذكرون من لا يعرفون.
قال «مولانا» علاء الدين « سألني الشيخ عبيد الله أحرار عن الذكر قلت: لا اله إلا الله. قال: ما هذا ذكر: هذا عبارة. قلت: فما هو عندك؟ قال: أن تعرف بأنك لا تقدر أن تعرفه. ثم قال: ينبغي - على السالك - أن يقبل ويتوجه إلى الجهل وأن ينوي الصلاة هكذا: أعبد الله الذي لا أعرفه: الله أكبر»( ).

كـفــر آخـــر
وأعظم من ذلك ما حكاه صاحب الرشحات أن الشيخ الجامي النقشبندي سال أحد مريديه « ما يقول شيخكم حين يغضب عليكم؟ قال: يقول: إذا حضرتم عندي تكونون على حذر مني وإذا خرجتم من عندي تنسون الله ولا تعرفونه أبدا! قال الشيخ: فما تقولون له حينئذ؟ قال: نسكت ولا نرد شيئا. قال الشيخ: يا عجبا ليست عندكم همة. ينبغي لكم أن تقولوا: نحن لا نعرف الله بل نعرفك أنت».
وقال لهم مرة « كان الله ولم نكن نحن. ويكون الله ولا نكون. والآن نحن معدومون أيضا والله موجود( ).

مقام الخمر والسُكر
وكعادة السرهندي يعتذر عن مثل هذه الأقوال بأنها حصلت في حالة سكر الولي وغياب عقله. وهو عذر أقبح من ذنب.
ويتغنون بمقام السكر والخمر ومدح المخمورين.( ) فيقولون كما ذكر الكردي:
فيا حادي العشاق قم واحْدُ قائمـا ودندن لنا باسم الحبيب وروحنـا
وصُن في سرنا سُكرنا عن حسودنا وإن أنكرت عيناك شيئا فسامحنا
فإنا إذا طبنا وطابت قلوبنا وخامرنا خمر الغرام تهتكنا
فلا تلم السكران في حال سكره فقد رفع التكليف في سكرنا عنا
وسلم لنا فيما ادعـيـنـاه إنـا إذا غلبت أشواقنا ربما بحنـا
وقد اعترف السرهندي كبير النقشبنديين صدور فظائع الكلام من مشايخ الطريقة النقشبندية، كقولهم بأن الولي أفضل من النبي وقول الواحد منهم أنا الحق وسبحاني ما أعظم شأني. ولكنه بررها فقال « وما وقع في عبارات مدح الكفر والترغيب في شد الزنار فمصروف عن الظاهر المتبادر فانهم معذورون بغلبة السكر في ارتكاب هذه المحظورات» ( )

السرهندي يعتبر الإنسان على صورة الله

واعتبر السرهندي أن الإنسان نسخة جامعة من عالم الإمكان بطريق الحقيقة، ومن طريق الوجوب بطريق الصورة أن الله خلق آدم على صورته.
قال: فالله خلق آدم على صورته وهو منزه عن الشبيه والمثلية:
فكذلك خلق الله روح آدم التي هي خلاصته على صورة لا شبيهة ولا مثلية.

وكما أن الحق سبحانه لا مكاني: فكذلك الروح لا مكانية.
ونسبة الروح إلى العالم كنسبة الله تعالى: لا داخلة في العالم ولا خارجة عنه ولا متصلة به ولا منفصلة عنه... وانتهى إلى أن خلق العالم يدل على أصله.
وصرح بأن كمالات الإنسان مستفادة من كمالات الرب ومن هنا ورد أن الله خلق آدم على صورته ومعنى من عرف نفسه عرف ربه.
فلا جرم كان الإنسان خليفة الرحمن ولا عجب: فإن صورة الشيء خليفة الشيء.
وما لم يُخلق على صورة شيء لا يليق بخلافه شيء( ).

ووصف القلب بالعرش المجيد وأنه لو القي عرش الرحمن وما فيه في زاوية من قلب العارف لما أحس به صاحبه لأن القلب جامع للعناصر والأفلاك والعرش والكرسي... بل لصار العرش مضمحلا ومتلاشيا، ومن هذا القبيل كلام بعض المشايخ الذين صدر عنهم وقت غلبة السكر كقولهم: إن الجمع المحمدي أجمع من الجمع الإلهي»( ).

وللتعريف بمعنى الشهود عند النقشبندية يقرر صاحب الرشحات أن للشهود معنيين:
أحدهما: شهود الذات المبرأة عن الظهور في لباس المظاهر. يفسر الكوثري ذلك أكثر بما نقله عن الإمام الرباني في مكتوباته أن الكمال في « التوحيد الوجودي: ظهور أن العبد والرب: رب»( ).

ولهذا يقسم النقشبنديون التوحيد إلى قسمين:

1 - توحيد وجودي: بمعنى أن تؤمن أنه لا موجود إلا واحد وهو الله. وأن كل ما سواه معدوم. قاله السرهندي. أضاف: ومثل هذا التوحيد قول الحسين بن منصور الحلاج: أنا الحق، وقول أبي يزيد: سبحاني ما أعظم شأني( ).
2 - توحيد شهودي: أن لا تشاهد في الكون إلا الله.
وإذا كان ما سوى الله معدوما وهو كالظل، لا وجود حقيقي له ففعل ما سوى الله أيضا ليس فعلا حقيقيا وإنما هو فعل الله في الحقيقة.


نعم أقر السرهندي هذا القول فزعم أنه لما كانت إرادة البشر مخلوقة لله تعالى من غير تأثير لها في حصول المراد كانت تلك الإرادة كالميت... فلذلك فالتأثير أيضا مخلوق فيها... ففي تأثيرها لا اختيار له أصلا فيكون تأثيرها كالجماد، ثم انتهى إلى التصريح بأن المؤثر في الأفعال إنما هو قدرة الله تعالى لا تأثير لقدرة المخلوق كما هو مذهب علماء المتكلمين( ).

وهؤلاء يصيحون في وجه ابن تيمية: من أين لك تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية والإلوهية والأسماء والصفات؟
أما أن يقسموا التوحيد إلى قسمين كل منهما ينفي وجود ما خلق الله ويجعلون الخالق والمخلوق شيئا واحدا فهذا تقسيم مشروع!

ويصرح صاحب كتاب مدارج السبع بأن « الصوفية الوجودية هم القائلون بوحدة الوجود مثل الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي وغيره رحمهم الله الذين كانوا أرباب التوحيد، وأنهم معذورون لغلبة حالهم» ( ).

فالتوحيد لفظ شرعي شريف صار هؤلاء يطلقونه ويصطلحون فيما بينهم على أن معناه وحدة الوجود. فلا تغتر بلفظ التوحيد إذا ذكره النقشبنديون فانهم يريدون به الفناء بالله ووحدة وجود الممكن بالواجب. تعالى الله عما يقولون.


البشر عند النقشبنديين ظلال أسماء الله وصفاته

ويحكي السرهندي أنه بالوصول إلى عالم العلوي ينتهي إلى امتزاج العدم بالوجود الذي هو منشأ الإمكان... وبالسير إلى الله تتم دائرة ظلال الأسماء الواجبة ويحصل للسائر الوصول إلى مرتبة الأسماء والصفات، وفي هذا الموطن يتحقق الشروع في حقيقة الفناء. فإن هذه الأسماء هي في الحقيقة كالحجب، ساترة لوجه حضرة الذات تعالت وتقدست ( ).

ثانيهما: شهود الذات من لباس المظاهر من غير وصف الكثرة بل بنعت الوحدة ويقال لهذا الشهود عند الصوفية شهود الاحدية في الكثرة وكان رسول الله  على هذا الشهود بعد البعثة»( ). وقد عبر نقشبندي آخر وهو محمد مصطفى أبو العلا عن هذا الشهود بقوله « فإذا داوم المريد على المراقبة ترقى إلى مرتبة المشاهدة بأن ينكشف له بعين البصيرة أن أنوار وجود وحدة الذات الإلهية محيطة بجميع الأشياء وأنه تعالى متجل بصفاته وأسمائه في مصنوعاته»( ).

قال صاحب الرحمة الهابطة « قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: قد يصدر عن العارف بالله إذا استغرق في بحر التوحيد بحيث تضمحل ذاته في ذاته وصفاته في صفاته» وذكر تندم اللقاني ( ) على قتل الحلاج وأن قاتله لو فهم مقصوده من كلامه لما وجد مساغا لقتله( ).

بل صرح مشايخهم كالسرهندي وغيره بأن « سائر الموجودات مظاهر الأسماء الإلهية ومرايا شؤوناته وكمالاته الذاتية » وأن هذا العالم إنما هو مظهر لظهور كمالات الأسماء والصفات الإلهية( ). وأن الله كان كنزا مخفيا فأراد أن يعرض نفسه من الخلاء إلى الملاء.

وأن أشخاص العالم ظلال الأسماء والصفات حيث يخرج السالك عن أوصافه ويتصف بأوصاف ذلك الظل وإن حصل للسالك الترقي عن هذا الظل ينصبغ بلونه ويصل إلى الأصل الذي هو اسم من الأسماء الإلهية: وحينئذ تصير القطرة بحرا والحصاة جبلا... فلما حصل للسالك الفناء والبقاء: صار بحرا وجبلا» وهذا عندهم هو السير للتحلي بأسماء الله وصفاته ويسميه السرهندي *السير الاسمائي والصفاتي» ويحدد هذا السير بأنه « نهاية عروج الأنبياء والأولياء أولا إلى أسماء إلهية هي مبادئ تعينات وجودهم»( ).

ويقول عبيد الله أحرار « كمال الحمد أن يحمده العبد ويعرف أنه لا حامد إلا هو تعالى. وأنه - أي العبد - عدم محض لا رسم له ولا اسم ولا فعل وإنما يبتهج سرورا بكونه تعالى جعله مظهرا لصفاته( )... فانه إذا تجلى الحق على قلبه - أي السالك - بالتجلي القهري يمحو منه الغير والسوا، فلا يبقى فيه إلا هو( ) فلا جرم يسمع في هذا القلب لمن الملك اليوم لله الواحد القهار، وسبحاني ما أعظم شأني وأنا الحق وهل في الدارين غيري»( ).

وقد أورد صاحب الرشحات تساؤلا أبداه أحد الحاضرين للشيخ سعد الدين النقشبندي ونصه ما يلي « إذا كان لا وجود غير وجود الحق سبحانه الذي هو الوجود المطلق وأن الظاهر في لباس المظاهر واحد: فما معنى مخالفة أهل الإسلام لأهل الكفر ومنازعتهم إياهم؟

أجاب الشيخ: لما كان وجود الحق سبحانه الذي هو الوجود المطلق الذي لا وجود غيره عند محققي الصوفية مقترنا بالتعينات والنسب والاعتبارات ونحوها من النعوت التي تلحقه بواسطة تعلقه بالمظاهر: جرى كل واحد من أفراد الممكنات بمقتضى مبدأ تعينه الذي هو حقيقته فأفضى ذلك إلى نزاع موسى عليه السلام بموسى السامري لاختلاف مبدأ تعينهما. فإذا ارتفعت تلك النسب والاعتبارات بحكم (واليه يرجع الأمر كله) برجع موسى إلى الاتفاق كما كانا على ذلك قبل عروض التعين والمراد بموسى الثاني هو السامري: فان اسمه موسى أيضا فان أمه ربته بين الجبال فرباه جبريل عليه السلام كما قيل:

إذا الطفل لم يكتب حنينا تخلفت ظنـون مربيــه وخـاب المؤمـــــــل
فموسى الذي رباه جبريل كافر وموسى الذي رباه فرعون مرسل( ).

تصريحهم بوحدة الوجود

كان بعض النقشبنديين يعتبون علي ويقولون: أنت تتصدى لمن يقولون لا اله إلا الله. لماذا لا تكرس جهودك ضد أعداء التوحيد وتترك الذين يشهدون أن لا اله إلا الله وشأنهم؟!
ولكن ماذا تعني لا اله إلا الله عند هؤلاء؟
ولقد قال النقشبنديون: « معنى كلمة لا اله إلا الله بالنسبة إلى حال المنتهين: لا معبود إلا الله. وبالنسبة إلى حال المتوسطين: لا مقصود إلا الله. وبالنسبة إلى حال المبتدئين: لا موجود إلا الله»( ).

يقول صاحب الرشحات « قال بعض الأكابر في معنى لا اله إلا الله: أحيانا يقول في مرتبة سلوكه: لا معبود إلا الله وأحيانا لا مقصود إلا الله وأحيانا لا موجود إلا الله»( ).
وذكروا أن (لا اله إلا الله) ذكر العوام. و(الله) ذكر الخواص) و (هو) ذكر خواص الخواص( ). هكذا جعلوا (هو) أفضل وأعلى مرتبة في الذكر من لا اله إلا الله.
فهم يقولون لا اله إلا الله ويفهمون أن الموجود الحقيقي ولا غير هو الله بل هو متجل في صور المخلوقات التي نراها كلها!!!

ويستحق المرء عندهم أن يوصف بأنه عالم بعلم التوحيد « اذا اعتقد توحيد الافعال والصفات والذات وتقرر في قلبه أن لا فاعل في الوجود الا الله. فحينئذ يقال لمثل هذا: إنه عالم بعلم التوحيد»( ).


الطريقة النقشبندية على ثلاث طرق

وقد قسم شيخ الطريقة النقشبندية السرهندي الطريقة النقشبندية الى ثلاث طرق:
الاولى: قائلون بأن العالم موجود في الخارج بإيجاد الحق.

الثانية: يقولون بأن العالم ظل الحق سبحانه. وأن الوجود قائم بوجود الحق قيام الظل بالاصل. مثلا: اذا امتد الظل من شخص وجعل ذلك الشخص من كمال قدرته وصفات نفسه منعكسة فيه».

وقد زعم السرهندي أنه غلبته الحال حتى وصل الى مقام الظلية ووجد نفسه وسائر العالم ظلا كما تقول به الطائفة الثانية من النقشبندية. ظنا منه أن الكمال في وحدة الوجود( ).

الثالث: قائلون بوحدة الوجود. أي في الخارج موجود واحد فقط: وهو ذات الحق... ويقولون: إن الحق متصف بصفات وجوبية وإمكانية، ويثبتون مراتب التنزلات، ويقولون باتصاف الذات الواحدة في كل مرتبة وأحكام لائقة بتلك المرتبة، ويثبتون للذات التلذذ والتالم، ولكن لا بالذات بل في حجب هذه الظلال المحسوسة الموهومة. ويلزم من هذا محظورات كثيرة شرعا وعقلا... وهؤلاء الطائفة وإن كانوا واصلين كاملين ولكن كلامهم دل على طريق الضلالة والالحاد وأفضاهم الى الزندقة والالحاد.

فحكم بأن قولهم عين الزندقة والضلال ثم وصفهم بأنهم من الواصلين الكاملين( ). مع أنه اعتذر عن القائلين بوحدة الوجود بأن قولهم بوحدة الوجود سببه السكر وغلبة المحبة لله( ).


غير أنه وافقهم على ذلك في كثير من أقواله، فزعم أنه لما وصل الى مقام الفناء في الله « رأيت نفسي وكل فرد من أفراد العالم بل كل ذرة منه: الحق جل وعلا ورأيت نفسي عين جميع الذرات حتى وجدت تمام العالم مضمحلا في ذرة واحدة... ثم وجدت صور العالم وأشكاله عين الحق تعالى موهومة... فتذكرت عبارة الفصوص( ) حيث قال « إن شئت قلت إنه أي العالم حق، وإن شئت قلت إنه خلق. وإن شئت قلت إنه حق من وجه ومن وجه خلق... وبعد ما شرفت بعد الفناء بالبقاء لم أجد غير الحق ووجدت جميع الذرات مرآة لشهوده سبحانه.

ولما رجعت الى نفسي وجدت الحق سبحانه مع كل ذرة من ذرات وجودي»( ) واعترف بأن عبارة الفصوص مشعرة بعدم التمييز بين الله وبين خلقه. وقد صدق في اعترافه هذا.

وقد تقدم اعتراف مؤلف نقشبندي آخر بأن « الصوفية الوجودية هم القائلون بوحدة الوجود مثل الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي وغيره رحمهم الله الذين كانوا أرباب التوحيد، وأنهم معذورون لغلبة حالهم» ( ).



السرهندي يقول: وجدت الله عين نفسي

يقول أحمد السرهندي « وجدت الله عين الاشياء كما قاله أرباب التوحيد الوجودي من متأخري الصوفية ... ثم وجدت الله في الاشياء من غير حلول وسريان، ثم وجدته سبحانه معها بمعية ذاتية، ثم رأيته بعدها ثم قبلها ثم رأيته سبحانه وما رأيت شيئا وهو المعني بالتوحيد الشهودي وهو المعبر عنه بالفناء فوجدت الله عينها بل عين نفسي، ثم وجدته تعالى في الاشياء بل في نفسي ثم مع الاشياء بل مع نفسي» ( ).
وسئل شاه نقشبند عن قول البعض « اذا تم الفقر فهو الله» فقال: هذا اشارة الى الفناء. وأنشد يقول ( ) :
من كـــــان لم تكن لم يــك الا الله
واذا فنيت من بقي لم يبق الا الله
وقد تركوا للحلاج تبيين معنى وحدة الشهود فقالوا: هو كقول الحلاج: أنا الحق وقول أبي يزيد: سبحاني( ).

ومقصودهم بالتوحيد الوجودي وحدة الوجود بين الله وخلقه. والدليل على ذلك قولهم إنه يجب على الشيخ أن يشغل المريد في ابتداء أمره بظواهر الشريعة ويغلق عليه باب الكلام في التوحيد المطلق. فان من فتح هذا الباب على مريديه ربما تزندقوا فخسروا الدارين( ).
ونحن نسال كيف يؤدي التوحيد وعبادة الله الى أقوال الزندقة الا أن يكون للتوحيد عندهم معنى آخر وهو وحدة الوجود
وبالطبع، الكلام عن التوحيد على منهج الانيياء لا يؤدي الى الزندقة وخسارة الدارين بل من حقق التوحيد دخل الجنة. وانما التوحيد عند النقشبندية عبارة عن وحدة الوجود ويسمونه توحيدا: تمويها وخوفا من التشنيع والتكفير( ).
وقال في تنوير القلوب « قال أبو سعيد الخراز: اذا أراد الله أن يوالي عبدا من عبيده فتح عليه باب ذكره. فاذا استلذ الذكر فتح عليه باب القرب. ثم رفعه الى مجالس الانس. ثم جعله على كرسي التوحيد( ). ثم رفع عنه الحجاب وأدخله دار الفردانية وكشف له حجاب الجلال والعظمة. واذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هو فحينئذ يصير العبد زمنا فانيا.
ثم أنشد صاحب التنوير يقول:

وبعد الفناء في الله كن كيفما تشاء
فعلمك لا جهل وفعلك لا وزر( )

يقول شيخهم محمد بارسا «إن حقيقة الذكر عبارة عن تجليه سبحانه لذاته بذاته في عين العبد»( ). وهكذا يصبح الذاكر عندهم عين المذكور وبالعكس.
ويفسر عبيد الله أحرار قول الله تعالى فأعرِض عمّن تولّى عن ذكرنا أي أعرِض عمن استغرق واستهلك في ذات الله. واحتج بما قاله محي الدين بن عربي
الا بذكــــر الله تزداد الذنوب وتنطمس البصــائر والقــــلوب
وترك الذكر أحسن منه حالا فإن الشمس ليس لها غروب ( )

- حكى صاحب الرشحات أن السالكين يرون الحق سبحانه بالتجليات الصورية، حتى انه يتجلى في جميع صور الاشياء من معادن ونباتات وحيوانات وانسان... وغاية التجلي الصوري وأفضله أن يتجلى الله للسالك في صورة صاحب التجلي... ومنشأ هذا الظهور قول القائل: سبحاني وأنا الحق وما في الجبة الا الله وهل في الدارين غيري وأمثال ذلك من أدلة حصول التجلي( ).

وقد زعموا أن هذه الحالة هي حالة سكر وتوهم وخطأ يحصل عند الذاكر في سكرته فيحصل له ما يشبه الوحدة بالله ولهذا تصدر عنهم هذه الكلمات وتلك الاحوال. فاذا أفاقوا عرفوا أن ما حدث لهم يشبه الاتحاد. ويخرج على السنتهم كلام الشطح والكفر لحصول قمة الصلة بالله! وحينئذ يقول: أنا الحق وسبحاني( ).

هل تتسبب العبادة الصحيحة في التلفظ بالكفر؟!

وبالطبع فهذه النتيجة الخطأ دليل على أن العبادة خطأ وعلى أن الشيطان يستحوذ عليه. فلو كان هذا الذكر متوجها الى الله توجها صحيحا لما أثمر الكفر وانتهى بادعاء الذاكر للالوهية!!!
وحرم الله الاقتراب من الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون . وهؤلاء يدعون أن العبادة هي سبب السكر وتعطل العقل!

وذكر صاحب كتاب الرشحات أن رجلا سال المولى بهاء الدين عمر عن قول القائل (الممكن عين الواجب) فرجع عن هذا الكلام وقال (بل الواجب عين الممكن) فقال: ما هناك فرق بين الكلامين. فلم يتجاسر أحد في الجواب ولم يقولوا شيئا»( ). وقد صرح صاحب السبع الاسرار أن حقيقة مقام الفناء هو فناء السالك هو « اتحاد وجود الممكن بوجود واجب الوجود وذلك نسبة لغلبة التوحيد وقوة ظهور الوحدة على بصيرته»( ).

- وذكر في قوله تعالى لمن الملك اليوم أن المراد من (الملك) قلب السالك حين يتجلى الله سبحانه للقلب بقهر الاحدية لا يترك فيه شيئا غيره فيلقي اليه صدى  لمن الملك اليوم فاذا لم ير في تلك المملكة غيره يجيب تعالى بنفسه بالضرورة بقوله لله الواحد القهار ويسمع صدى (سبحاني ما أعظم شأني) و (أنا الحق) و (هل في الدارين غيري)( ).

- وصرح نقشبندي آخر بأن « وجود الحق مثل المرآة: ووجود الممكنات مثل الصور التي تنجلي في المرآة. فوجود المرآة حقيقي. ووجود الصور فيها وهمي وخيالي»( ).

الاتحاد بذات الله وصفاته وأفعاله

ويذكرون أنه عندما يتجلى الله للعبد بذاته يجد العبد جميع الموجودات وصفاتهم وأفعالهم متلاشية في أشعة ذاته تعالى وصفاته وأفعاله ويجدها بالنسبة اليه كالاعضاء الى البدن... ويرى ذاته وذات الحق سبحانه وتعالى وصفاته وصفات الحق وأفعاله مع الافعال الحق متحدة لكونه مستهلكا في عين التوحيد، ولا يرى شيئا غير الله. فيرى الصور الموجودة هي الله عينه وهذا ما يسمونه بالتجلي الصوري لله( ). هذا قول السرهندي.

وذكر صاحب الرشحات أن المريد اذا سلك طريق المذلة والمسكنة يحصل له الفناء حتى يرى جمال الشاهد اللاهوتي في مرآة انعدامه»( ).
قال عبد الكبير «بينما أنا في الطواف إذ هبت الريح وحركت أستار الكعبة وانكشفت بعض جدرانها فحصل لي منه «كيفية» وسقطت مغشيا علي، وتوجهت نحو حضرة الشيخ فقال لي: ما ترى في البيت فهو غير محدود بل هو في الجبال وفي الجدار وفي السماء وفي الارض وفي الحجر وفي المدر: موجود ومشهود بل كل ذلك هو هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو الله الذي لا اله الا هو»( ).

بالفناء يخرجون عن طور البشرية الى الالوهية

واذا حصل الفناء بالله عندهم صاروا طورا آخر غير الطور البشري. وبعد ورود الفيض يترقى السالك حتى تنقص مناسبته عن طور البشرية، فترتفع عنه صفات البشرية.( )
قال بهاء الدين نقشبند « كنت في بستان فغلبت علي الجذبات الالهية فحصل لي غيبة اتصلت بالقناء الحقيقي وحقيقة الفناء في الله عز وجل ورأيت أني في صورة نجم في بحر من بحور بلا نهاية ثم بعد ست ساعات رُدَتْ اليّ بشريتي شيئا فشيئا» ( ).

ولعلك تسال عن معنى قوله (فعادت الي بشريتي شيئا فشيئا)؟
فالى أي مادة تحول بعد خروجه من طور البشرية؟ بالطبع اذا حصل الفناء بالله فهو خروج عن الطبيعة البشرية الى الطبيعة الالهية. لا سيما وأنه يتلفظ بالفاظ الكفر (أنا الحق وسبحاني) الشبيهة بقول فرعون (ما علمت لكم من اله غيري وأنا ربكم الاعلى).


هل العشق أعظم من المحبة؟

تبين مما تقدم أن مرتبة الفناء في الله والخروج عن طور البشرية يعتبر غاية الغايات عند النقشبندية وأن كل أذكارهم وطقوسهم انما هي لأجل ذلك.
وجعل محمد أمين الكردي العشق لمرتبة خواص الخواص: ومحبتهم لله عبارة عن التعشق الذي ينمحي به العاشق عند تجلي نور معشوقه»( ).

مع أن الله لم يذكر مرتبة أفضل من مرتبة (يحبهم ويحبونه) وكذلك (لا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه). ولم يقل (يفنى فيهم ويفنون فيه) أو (يعشقهم ويعشقونه). ولا يتصور مؤمن أن يحب الله أحدا أكثر من رسوله وأصحاب رسوله ولم يقل منهم أحد إنه يعشق الله أو إن الله يعشقه. وهذا هو قول العز بن عبد السلام.
والعشق لفظ أفتى ابن عبد السلام بمنع استخدامه فيما يتعلق بمحبة الله كما في فتاويه (ص 72). وقال ابن الجوزي « العشق عند أهل اللغة لا يكون الا لما ينكح» ونقل عن أبي الحسن النوري أنه سمع رجلا يقول «أنا أعشق الله عز وجل وهو يعشقني» فقال له: سمعت الله يقول يحبهم ويحبونه وليس العشق بأكثر من المحبة»

وانما يكثر التكلم عن الفناء والعشق عند الهندوس البراهمة كما اعترف به النقشبنديون بأن ما يحصل لهم من المكاشفات والتجليات والفناء في الله شبيه بما يحصل للهندوس البراهمية فقالوا « وبراهمية الهندو جوكية وفلاسفة اليونان لهم كثير من قسم التجليات الصورية والمكاشفات المثالية والعلوم التوحيدية وليس لهم من نتائجها سوى الفساد والفضاحة ولا نصيب لهم من الرحمن»( ).

ولكن كيف سلموا للهندوس ذلك واعتبروا ذلك منهم كشفا وتوحيدا وهم يعلمون أنهم أكثر الناس شركا مما يؤكد أنهم اذا أطلقوا لفظ التوحيد فانهم يعنون به وحدة الوجود!

وقد ذكروا أن طريقة الذكر عند النقشبندية تورث في قلب الذاكر سر التوحيد حتى يفنى عن نظره وجود جميع الخلق ويظهر له وجود الواحد المطلق في المظاهر»( ).

وذكر عبيد الله أحرار أن الله إذا تجلى في قلب العبد يمحو منه الغير فلا يبقى فيه الا هو، فيسمع القلب حينئذ (سبحاني ما أعظم شأني) و (أنا الحق) و (هل في الدارين غيري)( ) .

وقالوا اذا توجه الشيخ الى قلب المريد تحصل للمريد الحركة العلمية: فيخرج من دائرة الامكان الى دائرة الوجوب( ). وهذا الكلام يفهمه من يعلم ما اصطلح عليه علماء الكلام حيث يقسمون الموجوات الى وجود واجب وهو الله، ووجود ممكن وهو كل ما سوى الله من المخلوقات.

وخطر ببال أحد الواقفين أمام الشيخ محمد سيف الدين الفاروقي أن هذا الشيخ متكبر فعرف ما في قلبه وقال له ╗ تكبري من تكبر الحق تعالىس والقصة نفسها منسوبة الى بهاء الدين نقشبند( ).
وفي معنى قوله تعالى إنّا أعطيناك الكوثر أي: أعطيناك شهود الاحدية في الكثرة» ( ). فهؤلاء إتحاديون وحدويون حلوليون يدعون الى وحدة الوجود.

الحقيقة المحمدية

حقيقة الحقيقة المحمدية عند القوم شيء ليس مخلوقا وانما خلقت الاشياء منه أو به. وهذه عودة الى عقيدة النصارى وفلسفتها. بما أن مادية نبينا  عند النقشبندية قد صارت في حكم المجرد لم يكن له ظل( ).
الكفر الصريح

وانظر ماذا يخفي القوم وراء لفظ الحقيقة المحمدية لتعلم: كيف ينصر الله هذه الامة وهي على هذا المعتقد المضاهىء لعقيدة النصارى والهندوس.
يقول في الحدائق الوردية ما نصه « اعلم أن الله تعالى لما توجه لخلق العالم خلق روحا كليا سماه حضرة الجمع والوجود لكونه جامعا لحقائق الوجود وسماه بالحقيقة المحمدية. لكون محمد  أكمل مظاهرها ..
وما زال الحق تعالى يخلق الموجودات من الحقيقة المحمدية علوية وسفلية لطيفة وكثيفة بسيطة ومركبة. وكلما خلق صورة قبضها الى صورتها الاولى حتى انتهى الامر الى الانسان فخلقه منها ولم يقبضها. فكان الانسان صورة حضرة الجمع والوجود.
ثم خلق الله العماء الذي كان فيه الرب قبل خلق الخلق وكان أول ما خلق الله في العماء الارواح المهيمة والعقل والنفس الكلية. فهم مخلوقون من حضرة الجمع والوجود وهم مظاهر لها. لكن دون مظهرية الانسان الكامل.
والكمال الانساني عندهم مرآة للكمال المحمدي. والكمال المحمدي مرآة للكمال الالهي. ولا يتجلى الحق الا من خلف حجاب الكمال المحمدي اذ هو الواسطة العظمى التي لا كمال الا بها( ).
محمد من نور لا من طين
وقد زعموا أن جسد نبينا  نوراني لأن أصل خلقته نورانية وأن روحانيته سر ملكوتي ولهذا كان لا يرى له ظل بالغدو والاصال»( ).
ومحمد  الانسان الاكمل فانه لا انسان يماثل محمدا. وكل ما عداه فهو مخلوق منه. فهو عين الوجود الصادر من الله تعالى بلا واسطة سوى الامر فهو صورة الامر الالهي الذي لا صورة له في نفس الامر.
ويكذب ذلك ما رواه مسلم عن عائشة قالت « فقدت رسول الله  من الفراش، فالتمسته فوقعت يدي في بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: اللهم اني أعوذ برضاك من سخطك...». وفي رواية « افتقدت النبي  ذات ليلة فظننت أنه ذهب الى بعض نسائه، فتحسست ثم رجعت فاذا هو راكع أو ساجد» (3)

فالطبيعة ظاهرة وهو باطنها بل ليست الطبيعة غير الروح الا باعتبار كثافة بعض الصور ولطافة بعضها. فقيل: الطبيعة مغايرة للروح، فاذا أراد الله ايجاد شيء توجه اليه الروح وتوجهه عينه وعين ما توجه على المرآة هو عين وجود صورة المتوجه: عين التوجه عين الصورة...
ولهذا فتنبهوا من يصف النبي بالانسان الكامل يخفي عن القوم تاليها للنبي قالوا: وأول الصور: النور المحمدي لما روي: أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر» ( ) انتهى
واحتج السرهندي بقول ابن عربي أن الجمع المحمدي أجمع وأشمل من الجمع الالهي( ).
فهل في الكفر أفحش من هذا الكفر ومن هذه الفلسفة المقتبسة من كتاب الفتوحات المكية وكتاب الفصوص الذي ان لم يكن فيه كفر فليس في الدنيا كفر كما قاله الذهبي.
ومع ذلك يثني الكوثري الثناء البالغ على الفتوحات وأنه من أعظم السنوحات ويعلل سبب الطعن عليه من الجاهل لدقة مدركه( ).


غرقى في تعاليم المدرسة الفلسفية

ان الطريقة النقشبندية متلطخة بتعاليم فلاسفة التصوف الذين صنفهم ابن تيمية بأنهم شر الصوفية وغلاتها. وتأمل نموذجا من مصطلحاتهم الفلسفية. قالوا « مقام الخفي فوق الثدي الايمن بمقدار الاصبعين وحقيقته لاهوتية لطيفة ملازمة لعالم الصفات وهو باطن السر والطف منه، ومرتبته مرتبة الجبروت والاستغراق... ومقام النفس الناطقة في الدماغ »( ). فأين هذا من السنة التي زعموا أنهم لا يخرجون عنها قيد أنملة؟!
وكما تبين لكم بالدليل فان غاية مبادئها وأهدافها تحقيق وحدة الوجود على النمط الذي كان يصرح به ابن عربي والحلاج وغيرهم.
صفات الاولياء عند النقشبندية صفات الالوهية

وأما أنواع الاولياء وأوصافهم فقد توسع الكمشخاتلي النقشبندي في بيان ذلك وبالغ حتى جعل لهم صفات الربوبية. فقال ما نصه:
« وأما أنواع الاولياء والمتصرفين: فمنهم قطب الاقطاب وقطب الارشاد وقطب البلاد وقطب المتصرفين. وهم الكلمات الجامعة الالهية. وقدرتهم القدرة الذاتية... وهم أقطاب العالم وهؤلاء الاوتاد نوابهم: لا موت ولا عارض ولا صعق ولا تغير لهم( )».
فهكذا صرح بأنهم لا يموتون ولا يتغيرون ولا تؤثر عليهم عوارض الدنيا.
يتابع فيقول:
ومنهم الاثنا عشر نقيبا: وهم مطلعون على تأثيرات الكواكب التي تنزل على البروج.
ومنهم النجباء وهم ثمانية عدد السموات مع الكرسي: وهم واقفون على أحوال النجوم ومطلعون على أسرار النجوم والكرسي والعرش.
ومنهم: ثلاثمائة رجل من الاولياء على قلب آدم.
ومنهم أربعون على قلب نوح.
ومنهم سبعة غير الابدال السبعة على قلب ابراهيم.
ومنه خمسة على قلب جبريل.
ومنهم ثلاثة على قلب ميكائيل.
ومنهم واحد على قلب اسرافيل. وعلمه علم اسرافيل جامع للقبض والبسط وعلى هذا المشرب أبو يزيد البسطامي.
ومنهم ثمانية عشر قائمون بحقوق الله وظاهرون بأمره ويحكمون بما أراد الله.
ومنهم خمسة عشر رجلا وهم المسمون رجال الحنان والعطف الالهي.
ومنهم أربعة يسمون رجال الهيبة والجلال وهم يمدون بالاوتاد الاربعة: قالبهم روحاني وقلبهم سماوي معروفون في السماء مجهولون في الارض وعلمهم مما لا يتناهى.
ومنهم رجال الاشتياق وهم خمسة.
ومنهم رجال الايام الست... وهذه الايام مقالة الصفات السبع: الاحد موجود من صفة السمع. والاثنين من صفة الحياة والثلاثاء من صفة البصر. والاربعاء من صفة الارادة، والخميس من صفة القدرة. والجمعة من العلم. والسبت من الكلام. وكل واحد نال من مظهرية صاحبه:فافهم».

يزعمون أن قدم الجيلاني على رقبة كل أولياء الله


الصوفية هم الطاعنون في الاولياء
وبعد هذا نسال: من هم الطاعنون في الاولياء؟
الصوفية هم الذين زعموا أن عبد القادر الجيلاني قال « قدمي هذه على رقبة كل ولي لله تعالى». صرح السرهندي بأن السهروردي سمعها من عبد القادر نفسه، إذ كان مصاحبا له.( )

وهذا طعن بالنبي وصحابته لأن النبي أعظم أولياء الله يليه الصحابة. وعبد القادر لم يخصص جماعة من الاولياء دون آخرين بأنهم تحت قدمه بل أطلق وعمم أن كل ولي لله فهو تحت قدمه. فمن الطاعن في أولياء الله؟!

وحقيقة الامر أن الصوفية قد كذبوا على لسان نبيهم، وكل واحد منهم يزعم أنه يراه يقظة بين الاونة والاخرى فكذبهم على سواه من باب أولى. وقد كذب الحافظ ابن رجب هذه الرواية عن الجيلاني واتهم راويها (الشطنوفي) بالوضع والكذب( ).

الاولياء خالقون عند صاحب الرشحات؟!

بل قد نسبوا الى الاولياء الخالقية فقال صاحب الرشحات « قال حضرة شيخنا: قد أعطي بعض العارفين قدرة على كل ما أرادوا خلقه»( ).
ولهم نظر آخر وراء القوة المبصرة: يرون به الاشياء في ليلة مظلمة من مواضع بعيدة ولا يكون البعد المكاني مانعا عن هذا النظر»( ).


فعالون لما يريدون

هكذا أثبتوا صفات مشايخهم فقال صاحب الرشحات « كما أن معارضة القرآن غير ممكنة فكذلك معارضة الاولياء أصحاب الهمة ( ) فإن همة العارف فعالة لا يتخلف المراد عنها فمن عارض تلك الهمة يصير مغلوبا البتة.
وضرب لذلك مثالا، فحكى أن سعد الدين الكاشغري وغيره كانوا يمتحنون قوة همتهم فيذهبون الى أمكنة المتصارعين فيتوجهون بهمتهم الى أحد المتصارعين وهو ضعيف فيتغلب على خصمه وان كان أقوى منه. وأن قوتهم لا يقف في وجهها ولا حتى مائة الف رجل فان في أكابر سلسلتهم تصرفات يحصل كلما يريده خواطرهم. والعجيب قوله أن مثل هذه الهمة تحصل حتى للكافر اذا توجه بخاطره الى أمر وصرف همته اليه يحصل له ذلك الامر وليس الايمان والعمل الصالح شرطا فيه( ).

ولمزيد تخويف العامة من الاعتراض فقد حكوا أن أحد أولياء النقشبنديين اعترض عليه رجل فعاقبه هذا الولي بمرض الاسهال. فصار يقعد بين النجاسات والقاذورات ويضعها في أنفه ويقول نعم الشيء المسهل ويعمل من نجاسته دمى يلعب بها ثم تقطعت أمعاؤه ومات بسبب شدة مرض الاسهال الذي أصابه به الولي( ).

وكلام الصوفية عن الخوارق لا يمت الى الواقع بصلة فان التاريخ لا يثبت لواحد منهم شيئا من هذه القوة الخارقة المزعومة بالرغم من المغالطات العجيبة في كتبهم فقد زعموا أن فتح السلطان محمد الفانح للقسطنطينية انما تحقق حين طلب السلطان المدد من عبيد الله أحرار النقشبندي فظهر له الشيخ راكبا على فرس أبيض وقال له لا تخف فقال له السلطان: كيف لا أخاف وعسكر الكفار كثير؟ قال السلطان: فأراني الشيخ في كمه فاذا فيه عساكر لا تحصى وقال له: جئتك بهذه العساكر لاعانتك»( ).

فأبشروا يا مسلمين، هناك جنود مجندة في أكمام مشايخ الطريقة.
ولكن؛ لماذا يخبئونهم في أكمامهم؟ وفلسطين لا تزال تحت الاحتلال.
متى سمع المسلمون المغترون بترهات التصوف أن الطريقة الصوفية استردت أرضا مسلوبة؟
إن التاريخ لا يذكر للصوفية شيئا من هذه الحكايات الغريبة. فأين كانوا يوم دخل التتار ويوم دخل الصليبيون واين هم اليوم واليهود والنصارى في الشرق والغرب يحتلون بلاد المسلمين؟ انها دعاوى لا تعدو أوراق وكتب الصوفية الصفراء. ان الذين امتلأت كتبهم بالروايات الموضوعة والمكذوبة لم تخل من باب أولى من القصص والحكايات المكذوبة أيضا.

وذكروا أيضا أن الشيخ منصور البطائحي ـ خال الشيخ الرفاعي ـ حضر معركة بين جيش العراق وجيش العجم لم تقع بعد . فصفق بيده فتصادم الجيشان ، ثم قبض اليد اليسرى وقال : هذه لجيش العجم . فظهر جيش العجم على جيش العراق . فلما بسطها ظهر الجيش العراقي وهزم الجيش العجمي هزيمة ساحقة( ).



يعلمون الغيب وما في الصدور

وقد صرح النقشبنديون بأن مشايخهم يعلمون ما يختلج في صدور الناس، فقال الدهلوي « وللنقشبندية تصرفات عجيبة من التصرف في قلوب الناس والاشراف على خواطر الناس وما يختلج في الصدور»( ).

لما حصل للشاه نقشبند التكليف والولاية للطريقة اجتمع مع سلفه من أصحاب الطريقة (أمواتا) فأعطوه علامات قبول ولايته وقالوا له « تذهب غدا عند مولانا شمس الدين الابنيكوني وتخبره بأن ما يدعيه فلان التركي صحيح، والحق مع التركي فإن أنكر السقا صحة هذه الدعوى فقل له: عندي شاهدان: الاول أنك يا سقا عطشان، فهو يعرف معنى هذه الكلمة. والثاني أنك أتيت امرأة أجنبية فحملت منك فسعيت باسقاط الحمل ودفنته في الموضع الفلاني... ثم اذهب الى نسف( ) لخدمة السيد أمير كلال وستجد في المحل الفلاني شيخا يعطيك رغيفا حارا فخذه منه ولا تكلمه... وامض على طريقك فتمر على قافلة اذا تجاوزتها استقبلك فارس فانصحه فانه ستكون توبته على يديك»( ).

ويحكون عن الشيخ عبيد الله أحرار أنه « ما من خاطر الا وقد اطلع عليه»( ).
وزعم الكوثري أن أبا الحسن الشاذلي قال « أطلعني الله على اللوح المحفوط فلولا التأدب مع جدي رسول الله لقلت: هذا سعيد وشقي»( ).

ونقلوا عن ابراهيم الدسوقي قوله لمريديه « يا أولادي إن صح عهدكم معي فأنا قريب منكم... فلو كان أحدكم بالمشرق وأنا بالمغرب وورد عليكم من المشكلات شيء تستخيرون به ربكم فوجهوا وجوهكم الي، وافتحوا عين قلبكم فانكم تروني جهارا وتستشيروني في جميع أموركم فمهما قلته لكم فاقبلوه وامتثلوه... هكذا جرت سنة الله مع أوليائه»( ).

ومن كرامات الشيخ أحمد ضياء الدين أن أحد مريديه حدثته نفسه أن يسال حضرة الشيخ ظهور كرامة فكاشفه الشيخ في الحال بما في نفسه وقال له: الاستقامة خير من الف كرامة»( ).

وخطر ببال أحد الواقفين أمام الشيخ محمد سيف الذين الفاروقي أن هذا الشيخ متكبر فعرق ما في قلبه وقال له ╗ تكبري من تكبر الحق تعالىس والقصة نفسها منسوبة الى بهاء الدين نقشبند( ).
وأما محمد الخاني النقشبندي فكان يخبر بالامر قبل أن يقع فيقع كما أخبر وكان في الاطلاع على خواطر المريدين مرآة صقيلة يلوح فيها أدنى الخطرات كأعلاها. وكان لا يسال مريده عن أحواله أبدا بل هو الذي يخبر المريد بأطواره( ).

لا يبالون بالجنة ولا بالنار

وأنشد محمد أمين الكردي هذين البيتين الى ربه

أحبك لا أرجو بذلك جنة ولا أتقي نارا وأنت مراد
إذا كنت لي مولى فأية جنة وأية نار تتقى وتراد ( )

ونقل قول رابعة العدوية « ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ولكن لوجهك الكريم». وقول أرسلان الدمشقي ╗ من عبد الله لأجل الجنة والنار فهو طاغوت»( ).

وهذه هي المرة الاولى يتحدث فيها صوفي عن الطواغيت. ولكن الطواغيت عنده هم الذين يرجون ثواب الله ويخافون عقابه، ويسالونه جنته ويخافون نيرانه.

وقد جهل هؤلاء أن الخوف من النار ورجاء الجنة عبادة بحد ذاتها لله عز وجل. وقد أمرنا الله بما تنهانا عنه رابعة العدوية فقال وادعوه خوفا وطمعا قال الطبري « أي لا تشركوا في عملكم لله شيئا غيره من الالهة والاصنام وغير ذلك، وليكن ما يكون منكم في ذلك خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه. وإن من كان دعاؤه اياه على غير ذلك فهو بالاخرة من المكذبين لأن من لم يخف عقاب الله ولم يرج ثوابه لم يبال ما ركب من أمر يسخطه الله ولا يرضاه»( ).
وقال رسول الله « لا يجتمعان - يعني الخوف والرجاء - في قلب عبد في مثل هذا الموطن - أي عند الاحتضار - الا أعطاه الله الذي يرجو وأمنه مما يخاف»( ).

وما قاله الطبري حق. فإن مطالبة الصوفية بحب الله حبا مجردا من طلب الجنة واجتناب النار زادهم جرأة وزندقة فاسمع ما تتناقله كتب النقشبندية عن أبي يزيد:
أريدك لا أريدك للثواب ولكني أريدك للعقاب ( )
وحكى عنه ابن الجوزي أنه قال « إن لله عبادا لو بصقوا على جهنم لأطفئوها» « ولقد وددت أن قامت القيامة حتى أنصب خيمتي على جهنم، فساله رجل: ولم ذاك يا أبا يزيد؟

فقال: إني أعلم أن جهنك اذا رأتني تخمد فأكون رحمة للخلق» ثم قال « اللهم إن كان في سابق علمك أن تعذب أحدا من خلقك بالنار فعظم خلقي حتى لا تسع معي غيري» وقال « وما النار؟ والله لئن رأيتها لأطفئنها بطرف مرقعتي»( ).

وكان يقول فيما تتناقله كتب النقشبنديين « إن لله عبادا لو حجبهم في الجنة عن رؤيته لاستغاثوا بالخروج من الجنة كما يستغيث أهل النار للخروج من النار»( ).

يقولون للشيء كن فيكون

قال صاحب نور العرفان « وسئل أحد أكابر الائمة عمن قال: أن من كرامات الولي أن يقول للشيء كن فيكون. فنهى أحدهم هذا القائل عن ذلك؟ فقال - أي لمن نهاه - من أنكر ذلك فعقيدته فاسدة. فهل ما ادعاه صحيح - أي أن من كرامات الولي أن يقول للشيء كن فيكون؟ فأجاب بأن ما قاله صحيح اذ الكرامة الامر الخارق للعادة يظهره الله تعالى على يد وليه»( ).
وقال الدهلوي «وللنقشبندية تصرفات عجيبة من التصرف في قلوب الناس»( ) .
فمن ذلك تصرف الشيخ عبد الله الدهلوي في باطن المريدين والقاء الفيوضات والاسرار في صدورهم، ومن كراماته أيضا أن زوجة أحد أصحاب هذا الشيخ قد مرضت، فالتمس من حضرته أن يدعو الله تعالى بتخفيف مرضها فلم يفعل، فالح عليه، فقال له لا تبقى هذه المرأة أكثر من خمسة عشر يوما، فبقدرة الله تعالى توفيت يوم الخامس عشر» ( ).
وقالوا عن محمد الخواجكي الامكنكي «ليس من ذرة في العالم الا وهو يمدها بالروحانية»( ) .
أفلا تصدق أيها الغيور أن هذه الامة قد ابتليت بالتشيع وركبت سنن من قبلها؟
أهذه التعاليم التي نادى بها سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه؟
من تصرفات الاولياء

وحكى محمد أسعد صاحب زادة أن للأولياء الكاملين ثلاثة أنواع من التصرفات:
الاول: التجسد والتمثيل بالصور: كتجسدهم في الصور في أمكنة متعددة في وقت واحد. وتسميه الصوفية بعالم المثال: وبنوا عليه تجسد الارواح وظهورها في صور مختلفة.. واستأنسوا بقوله تعالى فتمثل لها بشرا سويا ( ). وأكد ذلك خالد البغدادي وأن الروح تظهر في سبعين الف صورة في دار الدنيا( ).
الثاني: التصرف في الاجساد النورانية كجسد نبينا محمد لأن أصل خلقته نوراني وروحانيته سر ملكوتي: فلهذا يعتقدون أن النبي لا ظل له( ).

وكما أن الشيطان لا يتمثل بصورة النبي فكذلك لا يستطيع أن يتمثل بصورة الشيخ ولذا تظهر صور المشايخ في مناطق مختلفة في آن واحد، ويمكنهم الله من الظهور بصور عديدة بلا حصر وقد يكون لهم صورة واحدة تملأ الكون.( ).


الغلو وتقديس المشايخ

وللمؤلفين النقشبنديين طريقة عجيبة في مدح مشايخهم فيقتبسون من آيات القرآن الفاظا يستخدمونها في مدح مشايخهم كقولهم عن شيخ النقشبندية « محمد الخواجكي الامكنكي» ما يلي:

« لم يزل في بدايته بعين هدايته ملحوظا وفي ظل سلطنة تربيته محظوظا، حتى صار لمناقبه لوحا محفوظا لا يدع فضيلة جليلة الا أحصاها... فكان تلو والده كالشمس وضحاها والقمر اذا تلاها.. لا ذرة في العالم الا وهو يمدها بالروحانية»( ).

وهذا يشبه قول الخميني في أئمة أهل البيت « إن لأئمتنا مقاما عظيما وخلافة تكوينية تخضع لها جميع ذرات هذا الكون»( ).

ويستخدمون بعض عبارات الغلو التي يطرون بها مشايخهم كوصفهم عبد الخالق الغجدواني أنه « الغوث الصمداني والمحبوب السبحاني ومحمديته الكعبية »( ).
ويصفون عبد الله الدهلوي بصفة « قيوم الزمان»( ).
والمقامات عندهم خمسة وهي القلب والروح والسر والخفي والاخفى:
(القلب) وهو تحت قدم آدم عليه السلام.
(الروح) تحت قدمي سيدنا نوح وسيدنا ابراهيم.
(السر) تحت قدم سيدنا موسى.
((الخفي) تحت قدم سيدنا عيسى.
(الاخفى) تحت قدم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام( ).


مقام الكفر من أعلى مقامات العبادة

وهناك مقام (الحيرة) من أعلى المقامات عند النقشبندية وليس بعده الا مقام اليقين. ومقام الحيرة هذا هو مقام الكفر حيث يرى المريد السالك الاشياء هي الله، وحكى السرهندي عن نفسه أنه وصل الى مقام الفناء بالله ثم الى مقام البقاء ثم الى مقام الحيرة فوجد الله مع كل ذرة من ذرات وجوده.
ويسمي السرهندي مقام الحيرة بالكفر الحقيقي الذي اذا خرج منه عرج الى مقام أعلى منه وهو مقام الايمان الحقيقي بعد الكفر الحقيقي.
وهذا المقام وهو الحيرة الكبرى مخصوصة بالاكابر».
أضاف قائلا « ولهذا كان النبي  يستعيذ بالله من الكفر الحقيقي فيقول: اللهم أعطني يقينا ليس بعده كفر. فكان يستعيذ من الكفر الحقيقي الذي هو مقام الحيرة»( ).

فهكذا صار عند القوم مرتبة شريفة للكفر عالية جدا تحصل للعابد عندهم بعد حصول الفناء بالله.

الرابطة بالشيخ أفضل من ذكر الله!

قال صاحب نور الهداية « رؤية الشيخ تثمر ما يثمره الذكر، بل هي أشد تأثيرا من الذكر، وقد كانت تربية النبي لأصحابه كذلك فكانوا يشتغلون برؤية طلعته السعيدة وينتفعون بها أكثر مما ينتفعون بالاذكار»( ).

- ومن الادب مع المشايخ تمريخ أبدانهم (تدليكها) قال في الرشحات « قال حضرة شيخنا: كنت أمرخ الشيخ بهاء الدين عمر كثيرا وأدلكه وما كان يقول يكفي. ولا أنا كنت أترك التمريخ. وكان الشيخ ينام وله غطيط. وكان كثيرا يقول لي: تعال يا شيخ زادة ومرخ كتفي. فكنت أمرخ كتفه وكنت أنزع خفيه من رجليه أحيانا فشممت شيئا أطيب من رائحة الخرقة التي كان يلف بها رجليه»( ).

- وهم يتوجهون بالدعاء الي حيث أماكن مشايخهم ولو من مكان بعيد ويستقبلون قبلتهم. فقد ذكر صاحب الرشحات أن واحدا من مريدي الشيخ قطب الدين حيدر كان جائعا فقلب وجهه نحو قرية شيخه وقال: شيء لله يا قطب الدين حيدر لا تحرمنا من بركاتك أصلا ولا تنسانا»( ).

بيوت المشايخ قبلة مقدسة

- وقد جعلوا التوجه الى قبلة الشيخ والاستمداد من باطن همته أفضل من التزام أعمال الخير بل أفضل من التزام الرجوع الى الله عز وجل( ).

- قال أحد مريدي الشيخ محمد بهاء الدين « أمرني الشيخ شادي أحد أجلاء أصحاب الشيخ بهاء الدين أن لا يمدّ أحدنا رجله الى جهة يكون فيها الشيخ قدس الله سره، فأتيت يوما الى قصر العارفان (مسكن الشيخ بهاء الدين) لزيارته فأويت الى ظل شجرة في الطريق واضطجعت فجاء حيوان فلدغني في رجلي مرتين فقمت وقد تالمت الما شديدا.

ثم اضطجعت فعاد مرة ثالثة كذلك، فجلست أتفكر في سبب ذلك مدة حتى تذكرت نصيحة الشيخ شادي ووجدت أني قد مددت رجلي الى ناحية قصر العارفان، فعلمت أن ذلك تأديب لي على ما فرط مني»( ).

عبد الله الدهلوي

وكان أحد كبار مشايخهم واسمه عبد الله الدهلوي يقول « كما أن طلب الحلال فرض على المؤمنين كذلك ترك الحلال فرض على العارفين» ( ).
وكان يقول « أرواح عامة المؤمنين يقبضها ملك الموت وأما قبض أرواح خاصة الخاصة فلا دخل للملائكة فيها»( ).
وقال « سمعت في سري الخطاب الالهي ثلاث مرات: مرة وأنا في المدرسة ومرتين في الخانقاه... وجاءتني فاطمة الزهراء فقالت لي: إني قد بعثت لزيارتك»( ).
ومرضت امرأة أحد أصحابه فالتمس من حضرته أن يدعو الله تعالى لها بتخفيف مرضها فلم يفعل. فالح عليه فقال له « لا تبقى هذه المرأة أكثر من خمسة عشر يوما. فبقدرة الله تعالى توفيت يوم الخامس عشر»( ).
حبيب الله جان جانان

وكان الشيخ حبيب الله جان جانان من أكابر النقشبنديين وابتدأ يرى سيدنا ابراهيم الخليل منذ أن كان عمره تسع سنوات. وكان في هذا السن كلما ذكر أبا بكر الصديق يحضر صورته ويراه بعينه. ونظر يوما في المرآة فرأى صورة شيخه بدل صورته( ).
وكان «متوكلا» لا يعمل وكان يسافر مع أصحابه بغير زاد ولا راحلة فكانوا الى نزلوا منزلا تأتيهم موائد الطعام من الغيب.( ) وهؤلاء يتركون الطعام لأن حلال الطعام عندهم حرام، الم يقل أحد كبارهم وهو عبد الله الدهلوي «كما أن طلب الحلال فرض على المؤمنين كذلك ترك الحلال فرض على العارفين» ( ).
وكان يقول« ان الصوفي الكامل هو الذي لا ينسب الخير لنفسه ويعلم أنه مستعار، وهذا هو الحق معنى الفناء التام وحصول الشهود الصحيح وهذا سر قول الحلاج «أنا الحق»( ). وقد عذر السرهندي الحلاج في التفوه بهذا الكفر لأن السكر قد غلبه.
وحين توفي حبيب الله جان جانان النقشبندي ارتفع نصف القرآن الى السماء ووقع في الدين فتور( ).
وكان عبد الله الخاني يخبر بالامور قبل وقوعها ولا يسال أتباعه عن أحوالهم وإنما يخبرهم عنها» ( ).

عبيد الله أحرار

ينقلون الامراض من شخص لآخر
وكان لعبيد الله أحرار ميزة عجيبة فكان عنده قوة ينقل بها المرض من شخص لآخر» ( ).

ونص الدهلوي على أن نقل المرض من كرامات مشايخ هذه الطريقة( )
ويحكي الخاني أن الشيخ عبيد الله احرار مرض فقال له الشيخ قاسم: اني قد فديتك بنفسي. فقال له عبيد الله: لا تفعل هكذا فان المتعلقين بك كثيرون وأنت رجل شاب . فقال الشيخ قاسم: ما جئتك مستشيرا في هذا الامر بل قررته في نفسي وصممت عليه وجئتك، وقد قبل الله مني ذلك . ففي اليوم التالي انتقل مرض الشيخ عبيد الله الى الشيخ قاسم، وبرىء الشيخ عبيد الله من المرض برءا تاما فلم يعد بحاجة الى طبيب»( )..

ويحكي الخاني أن تحمل المشايخ للأمراض ونقله الى آخرين من عادة السادة أصحاب الطريقة( ).

وقال أحد أصحاب المولى الجامي الذي يصفه النقشبنديون بـ (روح الله)( ) « لما سمعت بمرض مولانا الجامي حضرت اليه لعيادته فرأيت المرض قد قام منه وتوجه الي فتضرعت الى الله وقلت يا رب ليس لي طاقة لتحمل هذا المرض فاندفع المرض عني. وهذا الجامي حضر شخصا أثناء نزعه الاخير وأعاده الى الحياة بالرغم من خروج الروح منه»( ).

الشيخ محمد المعصوم
أما الشيخ محمد المعصوم فقد كان غوثا يستغيث به الناس ويصفونه بحضرةالقيوم فقد سقط أحد مريديه عن فرسه في الصحراء، قال « فاستغثت بحضرة القيوم « فحضر بنفسه وأيقظني».

كذلك أشرف آخر من أتباعه على الغرق فاستغاث به فحضر في الحال وأنقذه. وكان يغيث الناس في أقصى الارض وهو جالس في مكانه. فقد استغاث به رجل في سفينة كانت تغرق فمد الشيخ يده وانتشل السفينة وهو في بيته أمام أصحابه الذين رأوا فجأة أن كمه صارت مبللة بعد أن رأوه يمدها في الهواء( ) .

وجاء يوما سيل عظيم على قرية «مولانا عارف» فخاف أهلها من الغرق ففزعوا اليه فخرج وجلس مكان طغيان الماء وقال للماء: إن كان لك قوة فاحملني. فتراجع السيل»( ).

ان هؤلاء في الحقيقة انما يثبتون صفات الاولياء « الحسنى» ليتعلق بهم العوام وقد عطلوا صفات الله الحسنى بالتأويلات التي يسمونها تأويلات أهل الحق. فحرروا القلوب من التعلق بالله وعلقوها بالاولياء.

ويحكون عن هذا الشيخ أنه كان وليا منذ الولادة. وأنه لم يكن يأخذ ثدي أمه في رمضان. وتكلم بـ ((التوحيد)) وهو ابن ثلاث سنوات فقال: أنا الارض أنا السماء أنا كذا أنا: هذا الجدار حتى هذه الاشجار حق. وكان يقول: اني أرى نفسي نورا ساريا في كل ذرة من ذرات العالم والعالم يتنور بي كالشمس. وقد خلعه الله بخلعة (أي صفة) القيومية فصاروا يصفونه بالقيوم( ).
قالوا: وذكر عنده رافضي يطعن في أبي بكر وعمر فغضب الشيخ محمد المعصوم غضبا شديدا وكان بين يديه بطيخ: فأخذ السكين وقال لها: اذبحي هذا الخبيث ثم أمرّ السكين على البطيخ فمات الرافضي من وقته( ).

مكالمات بين الله وبين ولده

كتب ولد الشيخ محمد المعصوم يقول لوالده « اني تشرفت في هذه الايام بالهامات غريبة ومخاطبات عجيبة فقيل لي: أنت من أوليائي وأنت من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ورأيت يوما أن وصولي الى جناب قدسه تبارك وتعالى بلا واسطة أحد. واذا بصورتك المباركة قد ظهرت بيننا ووجدت نفسي قد اتحدت بجنابكم فهنالك ظهر تنزل الحق سبحانه بلا كيف فأرجو التصديق على هذا»( ) انتهى.


أهم رجالاتها المعاصرين
محمد ناظم قبرصلي وقد تلقى مبادىء الطريقة على عدة رجال أهمهم عبد الله فايز الداغستاني ثم رحل الى طرابلس وأنشأ زوايا للطريقة هناك ثم صار ينتقل بين اسطنبول ولندن. وله أثر سيء جدا في نشر الخرافة بين المسلمين الانجليز الجدد وبين المهاجرين الباكستان والهنود في لندن. ومن خرافاته أن النبي  لم يكن له ظل على الارض وأنه نور كما تقتضي عقيدة الحقيقة المحمدية التي يعتقدها عامة الصوفية وقد وزع رسالة باللغة الانجليزية في هذا الموضوع. وتتضمن تزكيته وتزكية شيخه عبد الله الداغستاني.
وقد كتب شيخه هذا رسالة بعنوان « وصية مرشد الزمان وغوث الانام» زعم فيها أنه تلقاها على لسان رسول الله  وروجها له تلميذه القبرصلي وترجمها بالانجليزية وفيها يدعي:
أن الكافر اذا قرأ الفاتحة ينال قسما من العناية الالهية (12).
وأن من قرأ خواتيم البقرة ولو مرة واحدة يفوز بما لم يفز به الانبياء (ص 13).
وأن الله لم يفرق بين مؤمن ومنافق وكافر (ص 14).

ولهذا حمل الاحباش عليه وعلى تلميذه القبرصلي وحذروا من ضلالهما وحذروا من كتابه « محيطات الرحمة آفاق لا متناهية» وفيه يدعو الى ترك التعلم ويزعم أن الاولياء يتلقون الحديث وإن كان ضعيفا، ودعا الى قبول أي حديث احتراما وإجلالا لرسول الله  وأن أوامر القطب هي ذاتها أوامر الله تعالى.وأن رحمة الله تشمل الكفار كالروس والهندوس... وأن في الاولياء من له عيون مقدسة تحرق الشرور بين الناس فبسبب هذه النظرة تحترق شرارة الشرور.فيجوز لهم النظر الى أي مكان حتى النساء.( )

ومنهم محمد عثمان سراج الدين النقشبندي الملقب بسلطان الاولياء. وجعلوا له سلطانا على الانبياء والصحابة.
وهو رجل كردي طاعن في السن لا يكاد يتكلم. يتلقون المعرفة عنه بالاتصال الروحي وبمجرد النظر بطريقة أشعة الليزر. ينشر هو وأتباعه حروز السحر والخرافة.


ومن كرامات مشايخ الطريقة

حكي أن محمد أمين الكردي « زار قبر النبي يونس  وفجأة رفع الله الحجاب بينه وبين صاحب القبر فرآه جالسا والانبياء جلوسا حوله. وهم ينتظرون مجيء سيد البشر محمد بن عبد الله»( )

لهم الثواب والعقاب

وأهديت لبهاء الدين نقشبد سمكة مطبوخة وكان عنده شاب زاهد عابد فقال للشاب: أفطر فلم يقبل الشاب فقال له: أفطر وأنا أهبك صوم يوم من شهر رمضان، فأبى فقال له: أفطر وأنا أهبك صيام أيام شهر رمضان. فأبى فقال بهاء للناس: دعوه فانه من المبعدين. فنظراً لانهماكه في أوامر أهل الله ابتلاه الله بالانهماك في الدنيا والاعراض عما فيه من سعادة العبادة» انتهى. وهذه القصة مقتبسة من الرسالة القشيرية( ).





النهـج الباطني عند النقشبندية والصوفية

وزعم عثمان سراج الدين النقشبندي أن للقرآن ظهرا وبطنا وظهر ظهر وبطن بطن وهكذا الى ما لا يعلمه الا الله( ). وفسر قوله تعالى ولقد خلقنا الانسان أي أوجدنا كل فرد من أفراد الانسان الباطني وهو مجرداته الخمسة: القلب والروح والسر والخفي والأخفى»( ).
وقال بهاء الدين نقشبند في قوله تعالىإنّا أعطيناك الكوثرأي أعطيناك شهود الأحدية في الكثرة»( ).

وفسر عبد الرزاق النقشبندي بسم الله أي باسم الانسان الكامل( ).
والكمال الانساني عندهم مرآة للكمال المحمدي. والكمال المحمدي مرآة للكمال الالهي. ولا يتجلى الحق الا من خلف حجاب الكمال المحمدي اذ هو الواسطة العظمى التي لا كمال الا بها( ).

وفسر مشايخ النقشبندية قوله تعالى كل يوم هو في شأن بمعنى أن العبد بعد الفناء يبقى في الله فيصير مظهر تجليات أسماء الأفعال ويجد في نفسه آثار الأسماء الكونية ويحصل له حظ من كل اسم( ).
وفسر الكردي قوله تعالى فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله الظالم لنفسه أي من منع نفسه عن اللذات وما أعطاها مرادها فصار مستعدا لقبول الفيض الالهي وحينئذ يكون مقدما على المقتصد وعلى السابق بالخيرات. وهذا تحريف للقرآن وهو عمل اليهود. وقد صرح الحافظ ابن حجر بأن تحريف معاني النصوص موجود بكثرة عند اليهود( ).
وفسروا الآية  اليه يصعد الكلم الطيب أي يصعد من القلوب أنوار الذكر وأنوار نازلة من العرش على قلبك، فاذا فني وجودك الجسماني عن شهودها من النور الى النور فتصعد منك وتنزل منه»( ).
وقول النبي  « أمط الأذى عن الطريق» قال بهاء الدين نقشبند « الأذى معناه أذى النفس والطريق طريق الحق»( ).
وقوله تعالى واذكر ربك اذا نسيت أي اذا نسيت غيره وحمل الآية على معنى الفناء في الله( ).
وقوله تعالى لمن الملك اليوم المراد من (الملك) قلب السالك حين يتجلى الله سبحانه للقلب بقهر الأحدية لا يترك فيه شيئا غيره فيلقي اليه صدى  لمن الملك اليوم فاذا لم ير في تلك المملكة غيره يجيب تعالى بنفسه بالضرورة بقوله لله الواحد القهار ويسمع صدى (سبحاني ما أعظم شأني) و (أنا الحق) و (هل في الدارين غيري)( ).
وفي قوله تعالى وآية لهم الليل نسلخ منه النهار قالوا: النهار هو نور الوجود والليل ظلمة العدم( ).
وقالوا في قوله تعالى فاخلع نعليك أي اخلع حبك من الدنيا والآخرة( ).
وقالوا في تفسير سورة الاخلاص « إن أول موجود أوجده الله بلا واسطة هو التعين الأول ولما كان ظهوره من المبدأ الفياض بما يشبه الولادة قال تعالى (لم يلد) نفيا لشبه الولادة. ولما ظهر تعالى في المظاهر الالهية بحسب الذات والأسماء والأفعال وكان هذا الظهور يشبه المولودية قال تعالى (ولم يولد) نفيا لشبه المولودية.

ولما جعل الحق هذا النوع الانساني مظهر جميع أسمائه أن الله خلق آدم على صورته أو صورة الرحمن: فكان مرآة ذاته الأقدس الذي: هو الله أحد الله الصمد صفته وكان هذا التوهم كفر، نفى هذه المشابهة وقال (ولم يكن له كفوا أحد)»( ) .

وقالوا عن معنى قوله تعالى يهب لمن يشاء اناثا أي العبادات والمعاملات ويهب لمن يشاء الذكور أي الأحوال والعلوم والمقامات. ويجعل من يشاء عقيما أي بلا علم ولا عمل»( ).

تعــاليــم هنـدوسيــة

ويحكي صاحب الرشحات قصة أحد كبار النقشبندية قال « وكان الشيخ لا يأكل الطعام الحاصل من الحيوانات ويمتنع عنه ويقول: أنا أتعجب من الناس كيف يضعون السكين على حلق ما له عينان ينظر بهما اليهم ويقتلونه ثم يطبخون لحمه ويأكلون؟

قال صاحب الرشحات « ويفهم من كلام الشيخ هذا أنه في ذلك الوقت كان متحققا بمقام الأبدال فان تلك الخصلة مخصوصة بمقام الأبدال فانهم لا يقتلون شيئا من الحيوانات ولا يؤذونه ولا يأكلون لحمه لغلبة شهود سريان الحياة الحقيقية في الأشياء عليهم في هذا المقام»( ).
ويحكي صاحب الرشحات نفسه عن أحد شيوخه أنه كان يصلي قائما على رجل واحدة فقط.
وهذه من تعاليم الهنود. فقد قال الغزالي « وعباد الهنود يعالجون الكسل عن العبادة بالقيام طول الليل على رجل واحدة»( ).




تعظيمهم للحسين بن منصور الحلاج

هو الحسين بن منصور الحلاج كان من أصحاب أسياد الصوفية كـ " الجنيد " و"الشبلي" غير أنه كان أكثر الصوفية جرأة على اظهار العقيدة الباطنية الاتحادية للفكر الصوفي ولم يكتمها على نحو ما كان يوصي به أئمة التصوف.

يقول الشبلي «كـنت أنا والحســين بن منصور شيئا واحدا الا انه أظهر وكتمت» واعتبروا أن خطأه كان في إظهار ما كان يجب عليه كتمانه.( ).

وقد أظهر الحلاج من كلمات الكفر ووحدة الوجود ما اضطر كثيرين من الفقهاء وحتى الصوفية الى الفتوى بوجوب قتله كالجنيد حتى ان الرفاعي نفسه أيد من أفتى بقتله قائلا « لو كنت في زمن الحلاج لأفتيت مع من أفتوا بقتله» « ولو كان على الحق لما قال أنا الحق.. ما أراه رجلا واصلا أبدا»( ). مع أن السرهندي يعذره لقوله هذا بأن السكر قد غلبه( ).

ويروي القشيري أن الحلاج كان مصاحبا لعمرو بن عثمان المكي (أحد سادة االتصوف) وكان مرة يكتب شيئا فسأله عمرو عنه فقال: أكتب شيئا أعارض به القرآن. فهجره ودعا عليه قائلا « اللهم اقطع يديه ورجليه». ومن ثم قالوا: إن قتل الحلاج بطريقة الصلب وتقطيع الأيدي والأرجل انما كان استجابة من الله لدعوة هذا الرجل( ).

ومع ذلك فان الصوفية يلمحون تارة بولائهم وتعظيمهم للحلاج وتارة يصرحون بذلك. ولكن بالرغم من ذلك كان القشيري والغزالي وغيرهما يستشهدون بكلامه في اثبات عقائد أهل السنة مما جعل الشعراني يؤكد أن القشيري انما افتتح كتابه بالاستشهاد بكلام الحلاج لأجل احسان الظن به. واحتج به الغزالي في اثبات أفضل مراتب التوحيد عند الصوفية وهي مرتبة «وحدة الوجود والفناء بالله».

وروى الشعراني عن شيخه أبي العباس المرسي أنه كان يكره من الفقهاء خصلتين:

1 ـ قولهم بكفر الحلاج .
2 ـ قولهم بموت الخضر( ).

لقد كان الرجل من أعظم المصرحين بوحدة الوجود والفناء في ذات الله حتى أثر عنه ادعاء الربوبية، وضبطوا عليه كلمات قمة في الكفر كقوله « أنا الحق» و «سبحاني ما أعظم شأني» و «ما في الجبة الا الله».

وقوله:

مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة في الماء الزلال
فاذا مسك شيء مسني فاذا أنت أنا في كل حال ( )

وقوله ( ) الذي استحسنه الدوسري صاحب الرحمة الهابطة :

أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فاذا أبصرتني أبصرته واذا أبصرته أبصرتنا

وقد استحسنت أمهات كتب النقشبندية من الحلاج هذا البيت من الشعر الذي كان بهاء الدين يتمثل به وكان كلما ذكر اسم الحلاج قال «قدس الله سره» وهذا البيت هو:

كفرت بدين الله والكفر واجب لدي وعند المسلمين قبيح( )

فأي اسلام يرجى ويقبل ممن يستحسن هذا البيت ويتمثل به؟!
فيا من تتكلمون عن ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من علماء الأمة تبرأوا من مدح أئمة الكفر واستحسان كلام الكفر الذي تناقلتموه قبل أن تنقضوا الآخرين.

وكان يعتبر فرعون وليا والشيطان مؤمنا. فيقول مثنيا على أخويه « وما كان في أهل السماء موحد مثل ابليس، فصاحبي وأستاذي ابليس وفرعون، ابليس هدد بالنار وما رجع عن دعواه، وفرعون أغرق في اليم وما رجع عن دعواه، ولم يقر بالواسطة البته»( ).

وقد ضبط الجنود رسالة الى شخص واذا فيها « من الرحمن الرحيم الى فلان». فقالوا له: كنت تدعي النبوة فأصبحت تدعي الألوهية؟ قال: لا ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب الا الله تعالى واليد فيه آلة»( ).

وكتب رسالة أخرى الى أحد خواص أصحابه قال له فيها « ستر الله عنك ظاهر الشريعة وكشف لك حقيقة الكفر، فإن ظاهر الشريعة كفر خفي وحقيقة الكفر معرفة جلية»( ).
وكان يتهكم بالقرآن ويقول عنه « بامكاني أن أن أؤلف مثله»( ).

وكان قد أفتى بأن الانسان اذا أراد الحج ولم يتمكن فليعمد الى غرفة من بيته فيطهرها ويطيبها ويطوف بها فيكون كمن حج البيت» قال ابن كثير معقبا على فتوى الحلاج: وكان يقول لأتباعه: من صام ثلاثة أيام لا يفطر الا في اليوم الرابع على ورقات أجزأه ذلك عن صوم رمضان»( ).
ومهما حاولوا التنصل منه والتظاهر بمخالفته فانهم في الحقيقة مفتونون فيه ويهتمون بنقل كلامه واشاراته في التوحيد (أي وحدة الوجود) كما فعل أبو حامد الغزالي في الاستشهاد بكلام الحلاج عن الفناء في التوحيد( ).
بل يدافعون عنه ويصفونه بأعلى مقامات الولاية حتى زعم محمد معصوم النقشبندي أنه « لما وضع الحلاج في السجن كان يصلي في الليلة الواحدة خمسمائة ركعة نافلة وكان لا يأكل من أيدي الظالمين( ).
وقال الشيخ علي الراميتني « لو كان أحد على وجه الأرض من أولاد الشيخ عبد القادر الغجدواني موجودا لما صلب الحلاج» ( ).
وكان الشيخ حبيب الله جان جانان يعتذر عن شطحات الحلاج ويقول « وهذا سر قول الحسين بن منصور رحمه الله (انا الحق) فانه وإن كان معذورا في ذلك نظرا لغلبة السكر عليه الا أنه كان مخطئا في تلك الرؤية( ).
وهكذا فالنقشبنديون متفقون على استحسان هذه العبارة لأنها توافق أعظم غاية الطريقة وهي: الفناء في ذات الله وتحقيق الوحدة بين العابد والمعبود فيصير الرب والعبد ربا.

ويقول مولاهم الجامي « لقد أراد الحلاج بهذه العبارة حقيقة نفسه وحيث قال فرعون: أنا ربكم الأعلى: أراد به صورة نفسه»( )!. فهكذا دائما: كتبهم مملوءة باشارات وتصريحات وحدة الوجود.

وجاء في كتاب الايمان والاسلام للشيخ خالد البغدادي النقشبندي (ص 92) فصلا بعنوان «السلفيون» يظهر أن ملتزم الطبع ألحقه به وفيه يذكر تبديع ابن تيمية لبعض الأئمة قال « كما تتبع ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين وتتبع أيضا الحلاج ولا زال يتتبع الأكابر حتى تمالأ عليه أهل عصره ففسقوه وبدعوه بل كفره بعض منهم»( ).
فالنقشبنديون يزعجهم طعن ابن تيمية في الحلاج وابن عربي وابن الفارض الذي كان يتغزل بالله بأبيات الشعر ويكنيه بالأنثى.

موقفهم من قول أبي يزيد: سبحاني

وكذلك استحسن النقشبنديون قول أبي يزيد « سبحاني ما أعظم شأني»( ).
ولم ينكروا هذا القول أو يستنكروه، بل أثبتوه على أنه نهاية ما يحصل للسالك الى الله الفاني به. وقد زعموا - خوفا من السوط أو السيف - أن هذا القول خطأ ووهم يحصل للعبد عند بلوغه قمة الوصول الى الله. والاسلام لا يعرف عبادة تنتهي بصاحبها الى التلفظ بالكفر وادعاء الألوهية.

وذكرت كتبهم أنه صلى بالناس الفجر ثم التفت اليهم فقال: إني أنا الله لا اله الا أنا فاعبدوني. فتركه الناس وقالوا: مجنون، مسكين»( ).
وجاء الى بيته رجل فدق بابه فقال أبو يزيد: من تطلب؟ فقال الطارق: أريد أبا يزيد. فقال له أبو يزيد: ليس في البيت غير الله»( ).

وحكى السرهندي الفاروقي شيخ النقشبنديين أن أبا يزيد قال « لوائي أرفع من لواء محمد» وعذره السرهندي لأنها مقولة سكرية قالها أبو يزيد في حالة سكره بالله( ).
وحكوا أيضا أنه قال « إن لله علي نعما منها أني رضيت أن أحرق بالنار بدل الخلق شفقة عليهم»( ). وقوله « الناس يفرون من الحساب وأنا أتمناه لعله يقول لي يا عبدي فأقول: لبيك. فيفعل بي ما يشاء»( ).

وهذا مبدأ الفداء والكفارة وقبول التعذيب نيابة عن الخلق مقتبس من عقيدة النصارى نجده عند النقشبندية يروونه عن أبي يزيد. ونجده عند الرفاعية الذين نسبوا الى شيخهم الرفاعي أنه قبل أن يعذب كفارة عن خطايا الخلق.

فالنصارى تقول: « يسوع الذي صلب ومات لأجلنا وهو الآن يتردى في جهنم ليخلصنا ويضحي بنفسه من أجلنا»( ). وقال فليبس « يسوع الذي تألم لخلاصنا وهبط الى الجحيم».

وقد بلغ الزهد بأبي يزيد أن صار زاهدا في الآخرة وفي الجنة، فهو لا يريدها لكنه يريد الله فقط.
قال « أوقفني الحق بين يديه مواقف في كلها يعرض علي المملكة فأقول: لا أريدها، فقال الله: فماذا تريد؟ فقلت له: أريد أن لا أريد»( ). وصرح السرهندي بأن رفع الاثنينية بين الخالق والمخلوق مطلوب في مقام الولاية، ثم احتج بقول أبي يزيد هذا( ).

وحتى العبادة لا يريدها ولا يراها مقربة الى الله، ولهذا روى النقشبنديون عنه أنه قال « وقفت مع العابدين فلم أر لي معهم قدما، فوقفت مع المجاهدين فلم أر لي معهم قدما، ووقفت مع المصلين فلم أر لي معهم قدما، فقلت: يا رب كيف الطريق اليك؟ فقال: أترك نفسك وتعال»( ).

وانما العبادة مشغلة ينشغل بها العابدون عن الله، هذا ما استحسن ذكره النقشبنديون بصرف النظر عن مدى ثبوت ذلك عن أبي يزيد.
فقد رووا عنه أنه قال « إطلع الله على قلوب أوليائه فرأى منهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة صرفا: فشغله بالعبادة» أضاف « وإن في الطاعات من الآفات ما يحتاج الى أن تطلبوا المعاصي»( ).

تعظيم النقشبند يين لابن عربي

يصفونه بالشيخ الأكبر ويقولون عند ذكر اسمه « قدس الله سره» ويصفونه بـ «غوث المحققين وقطب الموحدين» مع اعترافهم بأنه كان يقول: أنا ختام الأنبياء والمرسلين( ).
ولا يزال النقشبنديون يصفونه بخاتم الأولياء( )، يعني أنه لا يوجد ولي لله بعد ابن عربي الى يوم القيامة.

وبالرغم من اعتراف السرهندي الفاروقي مجدد الطريقة النقشبندية أن ابن عربي أول من صرح بوحدة الوجود وأن عباراته مشعرة بالاتحاد وانه بوب مسائل وحدة الوجود وفصلها.

وأنه زعم أن خاتم الأنبياء يأخذ علومه من مشكاة خاتم الأولياء ويعني بخاتم الأولياء نفسه»( ) انتهى.
ويصرح بأن أكثر كشوفات ابن عربي مخالفة لعلوم أهل السنة بعيدة عن الصواب ولا يتبعها الا كل مريض القلب»( ).

فقد استحسن السرهندي الفاروقي قول ابن عربي أن الجمع المحمدي أجمع من الجمع الالهي. وتعجب السرهندي من اعتقاد ابن عربي بأن ذات الله مجهولة مطلقة ومع ذلك فانه يثبت الاحاطة والقرب والمعية الذاتية.( ).

وتحدث السرهندي عن الرضا بالخير والرضا بالشر ثم اعترف بأن « الايمان مرضي الاسم (الهادي) والكفر مرضي الاسم (المضل) مخالفة لما عليه أهل الحق وفيه ميل الى الايجاب لكونه منشأ للرضا»( ). واعتبر أن قوله بترتيب خلافة الخلفاء الراشدين بحسب مدة أعمارهم، واعتبر ذلك من شطحاته( ).

ونقل صاحب الرحمة الهابطة عن ابن عربي قوله « ان الله له لسان يتكلم به وأذن يسمع بها وأن عبد القادر الجيلاني قال: رأيت ربي بعين رأسي بصورة»( ).

ومع اعتذار كثيرين عن كتاب القتوحات المكية لابن عربي بأنه مدسوس عليه الا أنهم لا يزالون يصرحون باعجابهم بالكتاب وشغفهم بقراءته فقد قال عبد المجيد الخاني عن جده محمد صاحب البهجة السنية بأنه كان مشغوفا بمطالعة كتب الصوفية وخصوصا كتاب الفتوحات المكية لابن عربي وتائية ابن الفارض قدس الله سرهما... وكذلك كتاب الفصوص لابن عربي، ويسمون نصوص الفصوص بالكلمات القدسية»( ).

فقد جاء في الرشحات « أن كتاب الفصوص (روح) والفتوحات المكية (قلب) ومن علم الفصوص علما جيدا تتقوى داعية متابعته للنبي  وذكر في الرشحات أن الشيخ محمد الكوسوي كان يعتقد مصنفات حضرة الشيخ محي الدين ابن عربي الذي كان يقرر في كتبه التوحيد الوجودي بما لا يمكن الانكار عليه( ).

ويفسر عبيد الله أحرار قول الله تعالى فأعرِض عمّن تولّى عن ذكرنا بما قاله محي الدين بن عربي
ألا بذكــــر الله تزداد الذنوب وتنطمس البصــائر والقــــلوب
وترك الذكر أحسن منه حالا فإن الشمس ليس لها غروب ( )
فذكر الله يطمس البصائر والقلوب وترك الذكر خير من الذكر.
في أي دين هذا؟ إن النصرانية لا تنهى عن ذكر الله كما ينهى عنه هؤلاء الذين يدعون أنهم وصلوا في محبة الله الى المقامات العليا وهم لا يزالون يسبون الله ورسوله. ويمدحون قول الحلاج: كفرت بدين الله.

ويدافع الكمشخاتلي صاحب جامع الأصول عن قول ابن عربي:

العبد رب والرب عبد يا ليت شعري من المكلف
ان قلت عبد فذاك رب أو قلت رب أنى يكلف

غير أنه يحرفه فيجعله كالتالي:

العبد حق والرب حق فليت شعري من المكلف
ان قلت عبد فالعبد ميت أو قلت رب فما يكلف( )

ومما قاله ابن عربي في فصوص الكفر:
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فان كا عبد ا كان بالحق واسعا وان كان ربا كان في عيشة ضنك

ويقول:

فأنت عبد وأنت رب لمن له فيه أنت عبد
وأنت رب وأنت عبد لمن له في الخطاب عهد
ويقول:
فيحمدني وأحمده ويعبدني واعبده
ففي حال أقر به وفي الأعيان أجحده

ويقلد النقشبنديون كلام ابن عربي في فلسفته الصوفية فيقولون: « فيدعون أن أول موجود أوجده الله بلا واسطة هو التعين الأول وكان ظهوره من المبدأ الفياض بما يشبه الولادة»( ).

فهذه مخالفة عظيمة لعلماء الاسلام الذين طعنوا في ابن عربي وحذروا منه. أبرزهم في ذلك العلامة العز بن عبد السلام رحمه الله الذي وصفه بأنه شيخ سوء كذاب يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا»( ).

ووصفه السرهندي بأنه كان من القائلين بقدم أرواح الكمل وكان موافقا للفلاسفة في موقفه من القدرة. واعترف بأن الجم الغفير من هذه الطائفة موافقون له في مسألة وحده الوجود ( ).

وكتب الشيخ ملا علي قاري كتابا في الرد عليه لقوله بايمان فرعون.
وقد صرح بضلاله الحافظ ابن حجر والسخاوي وصفه ابن حيان النحوي بالملحد والزنديق وقال المقري « من لم يكفره كان كمن لم يكفر اليهود ولا النصارىس( ).

فكيف تكون الطريقة النقشبندية على السنة وهي تستمد تعاليمها من كتب الفصوص والفتوحات المكية وتتجاهل تضليل أئمة الأمة لأخطر وأكفر شخصية امتلأت كتبها بكفر لم يجرؤ عليه اليهود ولا النصارى!!!.
بل تقبل كل كلامه حتى قوله بأنه رأى الله على صورة فرس كما صرح به صاحب الرشحات ( )!.


آداب المريد مع شيخه

• أن يكون مستسلما منقادا راضيا بتصرفات الشيخ يخدمه بالمال والبدن لأن جوهر الإرادة والمحبة لا ينبني إلا بهذا الطريق، ولا ينكر عليهم شيئا من أفعالهم لأن المنكر عليهم لا ينجو.

وفضلوا خدمة الشيخ على التقرب الى الله بالنوافل بل على أي عمل صالح آخر كما قال محمد أمين الكردي « قال بعضهم: الخدمة عند القوم من أفضل العمل الصالح»( ).
فقال عبيد الله أحرار « وظن بعض الناس أن الاشتغال بالنوافل أولى من خدمة الشيخ وليس كذلك، فإن نتيجة الخدمة المحبة وميل القلوب لأنها جبلت على حب من أحسن اليها، وفرق بين ثمرة النوافل وثمرة الخدمة»( ).

وقد تجاهلوا ثمرة التقرب الى الله بالنوافل وهي محبة الله كما قال « ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه». زاعمين أنه لا يزال المريد يتقرب الى الشيخ بالخدمة حتى يحبه!!!
وزعموا في ذلك أن صوفيا رأى النبي في المنام فسأله أن يوصيه فقال له النبي: وقوفك بين يدي ولي الله كحلب شاة أو شي بيضة خير لك من أن تعبد الله حتى تتقطع اربا اربا، قال: حيا أم ميتا يا رسول الله؟ قال: حيا كان أو ميتا»( ).
أن يحب ما يحبه شيخه ويكره ما يكرهه. وأن لا يتوجه الا لما أراده شيخه رافعا نظره عن غيره.
• أن يكون اعتقاده مقصورا على معتقد شيخه.
• أن يفنى في الشيخ في ذاته وأفعاله وصفاته فان الفناء في الشيخ مقدمة للفناء في الله( ).
• أن لا يتوضأ بمرأى من شيخه ولا يصلي النوافل بحضرته بل زاد السرهندي على ذلك فقال: ولا يذكر الله الا باذن الشيخ( ).
• أن لا يتوجه الا لما أراده الشيخ.
• أن لا يتكلم في مجلس قط الا بدستور شيخه إن كان جسمه حاضرا، وإن كان غائبا يستأذنه بالقلب( ).
• أن لا يشرب ماء ولا يأكل طعاما ولا يكلم أحدا في حضور شيخه.
• أن لا يكون متوجها الى أحد. ولا يمد رجله عند غيبة شيخه الى جانب هو فيه ولا يرمي بصاقه الى ذلك الجانب. أي الجهة التي يكون فيها الشيخ في أي مكان في العالم.
• أن لا ينكر على شيخه قولا أو فعلا ظاهرا كان أم باطنا: لأن شيخه بيد الله تعالى: والله لا يأمر بالفحشاء والمنكر.
• أن يعتقد أن كل شيء يصدر عن شيخه يعتبره صوابا وان لم يره صوابا في الظاهر فانه يفعل ما يفعله بطريق الالهام والاذن( ).
• أن لا يقوم في محل يقع ظله على ثوب شيخه أو ظله( ).
• أن لا يضع رجله في مصلاه.
• أن يكون بين يديه كالميت بين يدي غاسله لا يخالفه في شيء مطلقا( ).
ثم أنشد الكردي شعرا يبين كيف يكون المريد من شيخه فقال:

وكن عنده كالميت عند مغســـــــل يقلبه ما شاء وهو مطـــــــاوع
ولا تعترض فيما جهلت من أمره عليه فان الاعتراض تنــــــــازع
وسلم له فيما تراه ولو يكـــــــــــن على غير مشروع فثم مخـادع( )
فتأمل صفات المريد تجاه شيخه: استسلام وانقياد مطلق كأنه ميت. ثم تأمل ما قاله في موضع آخر من نفس الكتاب أن أكمل أحوال العبد مع الله « أن يكون بين يدي الله تعالى كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف اراد( ).
وماذا لو كان المريد فتاة تريد أن تتخذ لها شيخا؟ أليس مطلوبا منها أن تكون ميتة (أو مستلقية) بين يدي الشيخ وأن لا تعترض على ما ظاهره حراما؟
ولقد حيرنا هذا الرجل فتارة يأمر المريد بأن يكون بين يدي شيخه كالميت بين يدي غاسله وتارة يأمرنا بأن نكون بين يدي الله كالميت بين يدي مغسله!
• أن لا ينكر على أفعالهم فإن المنكر عليهم لا ينجو» ( ).
• أن يرى كل نعمة إنما هي من شيخه ( ).
• أن لا يعترض عليه فيما فعله ولو كان ظاهره حراما
• أن لا يشير على الشيخ برأيه... بل يرد الأمر الى شيخه اعتقادا منه أنه أعلم منه بالأمور وغني عن استشارته»( ). وهذا معناه والله « فان تنازعتم في شيء فردوه الى الشيخ ذلك خير وأحسن تأويلا»!!!
أين هذه التعاليم الهندوكية من أمر الله لنبيه بمشورة أصحابه وشاورهم في الأمر وقد كان يستشيرهم دائما كقوله « أشيروا علي أيها الأنصار». وقد أشار عليه الحباب بن المنذر بخلاف رأيه يوم بدر فقال له رسول الله « لقد أشرت بالرأي» فأقره على نصيحته.
فهذا رسول الله لم يستغن عن مشورة أصحابه وهو المعصوم. فهذه التعاليم النقشبندية تجعل للمشايخ العصمة والكمال المطلق وهذا تقديس في صورة أدب! قال تعالى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. هؤلاء وإن ادعوا أنهم لا يدعون العصمة للمشايخ فان لسان حالهم يؤكد اعتقادهم العصمة.
فهل هذا الا طلب الشرف في الدين وتحقيق الملذات والتسلط على العوام باسم الدين وباسم التأدب مع الشيخ.

فالمشيئة مشيئتهم والأمر أمرهم والخدمة لهم أحب الى الله من صلاة النوافل اليه.
وهم يراقبون المريد ولو من بعيد، ويغيثون المكروب ويقلبون الشقي الى سعيد.
الاستسلام لمعاصيهم طاعة، والاعتراض على معاصيهم معصية.
من رأى منهم غلطا فليقل هذا ظاهره خطأ ولكن باطنه صواب.
التوجه الى الله لا يكون الا بهم.
بيوتهم قبلة ولنعالهم ألف وألف قبلة.
وفي ذلك الاستسلام المطلق للشيخ، يقول محمد أمين الكردي « إعلم أن كل ما وضعوه من الآداب للمريدين كتغميض العين وقت الذكر وإغلاق الأبواب فينبغي أن تتلقاه بالقبول وتعلم أنهم اقتبسوه من مصباح السنة، فاذا أردت أدبا من آدابهم ولم تعرف مأخذه من السنة فلا ينبغي أن تطيل لسانك بالاعتراض عليهم»( ).

وهذه دعوة الى التقديس وتهديد للمعترض بالحرمان على نمط وثائق الحرمان الكنسي عند النصارى لكل من يجرؤ على الاعتراض على البابا الممثل لإرادة الله على الأرض!!!

انها تعاليم تحجر العقل وتروض على الذل وهدم الشخصية. إذ أن هؤلاء لما رأوا العقل لا يقبل بدعهم سارعوا الى الهيمنة على عقول العوام وتسلطوا عليها بالتخويف والتهديد والطرد من رحمة الله، وسلب الفيوضات التي أفاضها الشيخ على المريد مما يجعل المريد عبدا يحقق كل معاني الاسلام للشيخ لا لله. ولا تنس أن للمشايخ مريدات لا مريدين فقط: والباقي عندك أيها القارىء.


الشيخ يأمر مريده بالسرقة

بل قد أرغموا المريد على ارتكاب المعصية مهما كبرت اذا أمر الشيخ مريده بها:
وفي ذلك يحكون قصة للشيخ بهاء الدين مؤسس الطريقة أنه كان في بخارى مع تلميذه نجم الدين دادرك فقال الشيخ له « أتمتثل كل ما آمرك به؟ قال: نعم. قال: فإن أمرتك بالسرقة تفعلها؟ قال: لا. قال: ولِمَ؟ قال: لأن حقوق الله تكفرها التوبة، وهذه من حقوق العباد. فقال: إن لم تمتثل أمرنا فلا تصحبنا. ففزع نجم الدين فزعا شديدا وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأظهر التوبة والندم وعزم على أن لا يعصي له أمرا فرحمه الحاضرون وشفعوا له عنده وسألوه العفو عنه فعفا عنه»( ).

ومن آداب المريد مع شيخه
• أن لا يتزوج زوجة طلقها شيخه أو مالت نفسه إليها. ويلزم منه أن تنطبق أحكام تحريم زواج نساء النبي بنساء الولي. وكأن الله قال: وما كان لكم أن تؤذوا أولياء الله ولا أن تنكحوا أزواجهم من بعدهم أبدا إن ذلكم كان عند الاله عظيما.
وبذلك تصير زوجات الأولياء أمهات المؤمنين( ) !!!

• أن يلازم عند الذكر في مخيلته وبين عينيه صورة الشيخ وذلك من أصول الذكر( ) . ولا يبعد عند هذه الحالة أن يتشكل الشيطان بصورة الشيخ فيكون التوجه عند الذكر للشيطان وحينئذ يفتح له عجائب الخيالات ويحصل الفناء في الشيطان في حين يظن المسكين انه فني في ذات الله.

آداب أخرى للمشيخة مع المريدين

• أن ينام في مكان ويجعل رأسه الى الغرب وقدميه الى الشرق.
• أن يجلس المريد بين يدي شيخه متوركا عكس تورك الصلاة.
• أن يغلق الباب، وهذه عندهم من أهم الآداب ويستدلون على ذلك بما زعموه أن الرسول قال لأصحابه: هل فيكم غريب؟ يعني أهل الكتاب. قالوا: لا، قال ارفعوا أيديكم وقولوا لا اله الا الله»( ). وهذا الحديث لا أصل له، ثم أن نصه يفيد أن الغريب أهل الكتاب وهم يحتجون به لغلق الباب عن المسلمين لا عن أهل الكتاب!
• أن يعلم المريد أسماء آبائه في الطريق لئلا ينتسب الى غير أبيه ولأن الأبوة الروحية أقوى من الأبوة الجسمية فإنه اذا أراد أن يستمد من روحانيتهم وكان انتسابه اليهم صحيحا أمدته رجال السلسلة النقشبندية بأسرارها وأنوارها»( ).
واعتبروا أنه يمكن للسالك في طريقة القوم أن يكلم من يشاء ابتداء من مشايخ الطريقة الأموات الى النبي الى الله. قالوا: وأقل ما يحصل للمريد اذا دخل في سلسلة القوم بالتلقين: أنه اذا حرك السلسلة تجيبه أرواح الأولياء: من شيخه الى رسول الله  الى حضرة الله عز وجل( ).

وجعلوا من أعرض عن السلسلة في حكم اللقيط الذي لا يعرف أباه وأمه. وحرموه ميراث النبوة فصرحوا بأنه « مقطوع الفيض غير وارث للنبي وزعموا أن النبي قال « طوبى لمن رآني ورأى من رآني» بل زعموا أن النبي قال في الصحيحين« من صافحني أو صافح من صافحني الى يوم القيامة دخل الجنة»( ).


مبدأ الرابطة عند النقشبنديين

أول مبدأ يشدد عليه النقشبنديون هو مبدأ الرابطة يعدون به المريد بالوصول الى الله والفناء فيه وفيض المعارف والحكمة والاتصال بسلسلة مشايخ الطريقة.

لقد أخذ النقشبنديون يبحثون للسالك عن رابطة أخرى بالله غير تلك الرابطة التي كانت قرة عين النبي  أعني الصلاة. والتي كان اذا حزبه أمر نادى بلالا «أرحنا بها يا بلال». فابتدعوا الرابطة.
وهذه الرابطة مبناها على ربط القلب بغير الله أي بالشيخ محبة وطاعة وخضوعا وتذلالا. والشريعة انما طالبت بالرابطة أن تكون بالله وليس بغيره.

وزعموا أن قلب الشيخ مفتوح الى عالم الغيب وكل لحظة يحصل فيها المدد من الله انما تكون بواسطة الشيخ، بل اذا حدثت وسوسة فعلى المريد أن يغتسل بالماء البارد ويدخل خلوته ويتخيل صورة النبي أو صورة شيخه( ). ولكن: إن كان تخيل الشيخ موصل ضروري الى الله فما المانع من تخيله في الصلوات الخمس؟

ولا تنس أنها صلة غير مباشرة يشترطون أن يكون الشيخ وسيطا فيها بل لا يمكن أن تحصل الا به.
أما مشروعيتها عندهم فهي مستنبطة من قوله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قالوا: ففي الآية اشارة الى الرابطة لأن الاتباع يقتضي رؤية المتبوع حساً أو تخيله معنى، وهو غرضنا من الرابطة( ).

قالوا: «ومنكرها مكتوب في جبهته الخسران متسم بالمقت والحرمان»( ).
الرابطة تفيد إن كانت مع الانسان الكامل المتصرف بقوة «الولاية» لأن الانسان الكامل مرآة الحق سبحانه وتعالى فمن ينظر الى روحانيته بعين البصيرة يشاهد الحق فيها( ).



آداب الرابطة

• أن يغمض العينين ويلصق اللسان بسقف الحلق والأسنان بالاسنان والشفة بالشفة مع إطلاق النفس( ).
• أن يستحضر صورة الشيخ في جبهته ويقررها وسط الجبهة.
• أن يعتقد أن تصرفات روحانية الشيخ من تصرفات الحق سبحانه. فان الشيخ واسطة بين المريد وبين الله والاعراض عن الشيخ يعتبر اعراضا عن الله( ). أما الشيخ فانه يتلقى العلم اللدني من الله مباشرة وبلا واسطة( ).
• أن لا يشرب الماء بعد الورد فانه يطفىء حرارة الذكر.
• أن يتصور أن لقلبه لسانا. ويسمونه باللسان الخيالي.
• أن يحمل مسبحة حسنة التكوير حتى يحسن عد الأذكار بخمسة آلاف مرة.
• أن يلصق اللسان والأسنان والشفة ولكنه يحبس النفس تحت سرته ويتخيل منها نقش (لا) ممتدة الى منتهى دماغه ويتخيل من دماغه نقش (اله) ممتدة الى كتفه الأيمن. ويتخيل من كتفه الأيمن نقش(الا الله) مارّا بها على اللطائف الخمس ضاربا بلفظ الجلالة على القلب( ).

الصورة صنم والصنم صورة

ولعلك تلاحظ أهمية تخيل الأشياء والصور.
ولا تنس أن الصور جماد كما أن الصنم جماد فصار تقرب المريد النقشبندي بالجماد وهو الصنم مشابه لتقرب مشرك قريش بالصنم المشكل على صورة الرجل الصالح!
وهل الصنم الا صورة؟!!!

فتوى مفتي العراق ببطلان الرابطة

وقد كتب محمد أسعد صاحب زادة كتابا في الرد على فتوى ببطلان الرابطة النقشبندية وأنها من البدع المنكرة قال في بدايتها « ووقفت على التاريخ المسمى بالتاج المكلل تأليف الفاضل المشهور صديق حسن خان البخاري القنوجي نواب بهوبال فرأيت فيه سؤالا واردا عليه من الأديب الفاضل السيد نعمان ابن الامام الكبير والحجة المفسر الشهير السيد محمود الألوسي مفتي بغداد عن الرابطة الشريفة التي تستعملها ساداتنا الأئمة النقشبندية... وملخص السؤال: ما قولكم في حكم الرابطة المستعملة عند أصحاب الطريقة النقشبندية.. وهل لها أصل من السنة والكتاب أم هي اختراع واجتهاد؟

فأجاب بما ملخصه: أما مسئلة الرابطة فلا يخفى أنها من البدع المنكرة وقد صرح بالنهي عنها الشيخ أحمد ولي الله المحدث الدهلوي فقال: قالوا: والركن الأعظم ربط القلب بالشيخ على وصف المحبة والتعظيم وملاحظة صورته.

قلت: إن لله تعالى مظاهر كثيرة فما من عابد غبيا كان أو ذكيا الا وقد ظهر بحذائه شيء صار معبودا له في مرتبته ولهذا السر نزل الشرع باستقبال القبلة والاستواء على العرش وقال رسول الله  «اذا صلى أحدكم فلا يبصق قبل وجهه فان الله بينه وبين قبلته. وسأل جارية سوداء فقال «أين الله فأشارت الى السماء» الحديث. فلا عليك أن لا تتوجه الا الى الله ولا تربط قلبك الا به ولو بالتوجه الى العرش... أو الى القبلة فيكون كالمراقبة لهذا الحديث.
وقد أفاد الشيخ العلامة محمد اسماعيل الدهلوي في كتاب الصراط المستقيم أن هذه الرابطة بمكان من الشرك لا يخفى. وأقول: ما لنا ولقلبنا وربطه بالشيخ كائنا من كان. وانما تربط قلوب الأنام ببارئها»( ).

ثم كتب محمد أسعد صاحب زاده كتابه للرد على هذه الفتوى وزعم أنه يبرهن على صحة الرابطة من الكتاب والسنة والاجماع والقياس. لكنه أتى بأدلة واهية مثل أن النبي  كان يخلو بغار حراء. وتجاهل أنه  بعد أن جاءه الحق لم يعد يخلو بغار حراء. وأن قوله تعالى  قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني دليل على مشروعية الرابطة، وذكر ما عليه دين الفلاسفة كمبدأ الاستفاضة من أرواح الأموات الفياضة واستحضار روحانيات أموات سلسلة الخواجكان... الخ( ).

ولما أحس بضعف أدلته قال متحكما « على أنه لا يجب علينا الاستدلال على الرابطة الشريفة بدليل لأن دليل من قلدناه من العلماء العاملين والأولياء العارفين كاف واف بالمقصود»( ).

وفي موضع أخر من كتابه زعم أنه حتى لو افترضنا بأن عمل الرابطة الشريفة لا دليل عليه: وانما استعملناه لما حصل لنا من الفائدة بالتجربة، فالانكار علينا من أي وجه وما دليله؟»( ).
أصول الذكر عندهم وطريقته وغايته ونهايته

من أصول الذكر عند النقشبنديين ترك الذكر باللسان وتفضيل الذكر بالقلب بدلا منه، فصاحب تنوير القلوب وغيره لا يعجبهم الذكر كثرة الأذكار اللسانية والأوراد الظاهرية( ).
وقد زعموا أن الشيخ الغجدواني أخذ طريقة الذكر من الخضر الذي لقنه الذكر العددي والذكر الخفي وهو أن ينغمس في الماء ويذكر بقلبه « لا اله الا الله محمد رسول الله»( ).

علق النقشبنديون على هذا الغوص في الماء بقولهم « ولعل الأمر بالغوص بالماء لحفظ النفس والاحتياط في حبسه»( )
وهذه الرواية المكذوبة يبطلها قول الشيخ عبد الرحمن درويش الحوت الذي قال « لم يرد في حياة الخضر شيء يعتمد عليه» (أسنى المطالب 616).
واعترافهم بأن مصدر طريقتهم في الذكر مستقاة من الخضر لا من سنة النبي ينقض قولهم أن طريقتهم مبنية على الكتاب والسنة على أصلها لم يزيدوا عليها ولم ينقصوا منها. فان هذا الذكر الخفي شريعة خضرية لا محمدية! هذا مع عدم التسليم بأنه الخضر، وكثيرا ما ينتحل الشيطان شخصية الخضر.
من الدنيا الى الجنة فورا

قال الشيخ عبد الوهاب أحد أصحاب الشيخ بهاء الدين « لما دفن حضرة الشيخ رضي الله عنه فتح من جهة وجهه المبارك له طاقة الى الجنة... فدخلت عليه حوريتان وسلمتا عليه وقالتا له: نحن منذ خلقنا الله ننتظر خدمتك. فقال قدس الله سره: إني عاهدت الله تعالى أن لا ألتفت الى شيء ما من الأشياء ما لم أتشرف برؤيته التي بلا كيف ولا مثال: وأشفع بجميع من اتصل بي وسمع مني القول الحق وعمل به»( ).

آداب الذكر عند الطريقة ( )

وهذا الذكر الخفي جعلوا له آدابا:
تغميض العينين وإلصاق اللسان بسقف الحلق والأسنان بالاسنان والشفة بالشفة مع إطلاق النفس( ). وجعلوا اللسان مربوطا لأن الذكر عندهم بلسان القلب لأن القلب كله لسان عندهم كما قاله محمد مصطفى أبو العلا النقشبندي( ).

أن يقول بقلبه: الهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي. هكذا واحد وعشرين مرة في نفس واحد( ). لترويضه على الوسوسة.
أن يقول « لسان القلب» الله الله مئة مرة. هكذا من غير اقتران ألفاظ التنزيه الأخرى بلفظ الجلالة كلفظ: سبحان والحمد ولا اله الا..الخ.
قالوا: فان سلطان الذكر عندهم أن يقول (الله الله) وربما جرى على لسانه (الله (الله)( ) أو (هو هو) أو (ها ها) أو (هـ هـ) أو (آ آ) أو (أهـ أهـ) أو (لا لا) أو عياط بغير حرف أو صرع أو تخبط. فاذا داومت على الذكر بهذه الطريقة رأيت الذكر كنار تصعد وتحرق جميع الشهوات... ثم تشهد نارا صافية وهي علامة قوة الهمة، فإن رأيت اختلاطا في الألوان فهي حالة تلوين. وثبات لون الخضرة علامة على التمكين( ).
وبهذا أبطلوا دور اللسان في الذكر. وهذه بدعة شنيعة فان مجموع الأحاديث تبين أن مدار الذكر على اللسان لا في القلب دون اللسان كقول النبي « لا يزال لسانك رطبا بذكر الله»( ) ولم يقل: لا يزال لسان قلبك؟
استقبال القبلة في مكان خال.
يقول بلسانه (الهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي).
ويكرر الأذكار جميعها الى خمسة آلاف مرة..
الجلوس متوركا عكس توركه للصلاة بأن يجلس على أليته اليسرىمخرجا الرجل اليمنى من تحت الرجل اليسرى( ) ويبين له الشيخ محل القلب الصنوبري وأنه تحت الثدي الأيسر بإصبعين.
الذكر يكون خفيا.
إغماض العينين وإطباق الفم ووضع اليد اليمنى بالمسبحة على القلب تحت الثدي الأيسر.
الاستغفار خمسا وعشرين مرة.
الصلاة على النبي  خمسا وعشرين مرة.
قراءة الفاتحة مرة. وسورة الاخلاص ثلاثا واهداؤها الى روح سيدنا محمد وأرواح سلسلة مشايخ الطريقة النقشبندية.
رابطة الموت وهو استحضار النزع للروح وكأنه يعاين الموت ويسأله الملكان.
رابـطـة المرشــد

وذلك بأن يستحضر الشيخ وصورته في قلب الذاكر عند الذكر. على أساس أن الشيخ وسيلة المريد الذاكر الى الله يتقرب به الى الله زلفى. وقد عرف خالد البغدادي الرابطة بأنها «عبارة عن استمداد المريد من روحانية شيخه بكثرة رعاية صورته ليتأدب ويستفيض منه في الغيبة كالحضور»( ).
وقيل: الفناء في الشيخ مقدمة الفناء في الله( ). وهذا من أهم المهمات وآكد الآداب في العبادة( ).

أما من ينكر شيئا من هذه الآداب أو يشك في أنها مبنية على أصول السنة فيقول الشيخ محمد أمين الكردي « وهذا الأمر لا يجحده الا من كتب الله على جبهته الخسران واتسم والعياذ باله بالمقت والحرمان أولئك هم الأخسرون أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا»( ).


المقامات والمراتب والدوائر عند النقشبندية
مرتبة الطعن في النبوة
ويقسم محمد المعصوم النقشبندي مراتب الولاية الى عدة مراتب:
مرتبة الولاية الصغرى.
مرتبة الولاية الكبرى وهي ولاية الأنبياء.
مرتبة الولاية العليا. وهي مرتبة الوصول الى مرتبة الذات الالهية.
- أما مرتبة الولاية الكبرى وهي المقام الأخير من مقامات النقشبندية التي هي ولاية الأنبياء.
- وأما مرتبة الولاية العليا .فهذا المقام من أعلى درجات الولاية السابقة بل كشف تفوقه على ولاية الأنبياء، أما فضيلة الأنبياء فهي بطريق النبوة...

- واذا تم السير في اسم « هو الظاهر» واسم « هو الباطن» اللذين هما جناحان للطيران الى مرتبة « الذات البحت تعالت وتقدست» المعبر عنها بالولاية العليا يكون السير في مرتبة « كمالات النبوة» وفي هذا المقام قطع السير مقدرا نقطة واحدة أفضل من جميع المقامات من الولايات الثلاثة أعني الولاية الصغرى والولاية الكبرى والولاية العليا( ).
وأما مرتبة ما بعد الولاية العليا فهي :
مرتبة تجلى الذات تعالى من غير حجب الأسماء والصفات وجعل لها ثلاث مراتب:
الأولى: مرتبة كمالات النبوة،
الثانية: مرتبة كمالات الرسالة.
الثالثة: مرتبة كمالات أولي العزم. وهذه المراتب كلها تحصل لغير الأنبياء.
ولما أحس بأن هذا تفضيل صريح للولي على النبي اعتذر قائلا « ولا يلزم من حصول كمالات النبوة لبعض أفراد الأمة بطريق التبعية والوراثة أنهم من الأنبياء أو مساو لهم»( ).

وثمة طعن آخر ظهر من أحد النقشبنديين المعاصرين وهو عبد الله الفايز الداغستاني شيخ ناظم القبرصلي حيث زعم أن « من قرأ خواتيم البقرة ولو مرة واحدة يفوز بما لم يفز به الأنبياء»( ) .
وهناك دوائر تحصل للسالك منها:
دائرة حقيقة الكعبة
دائرة حقيقة القرآن: وفي هذه المرتبة يزعمون أنه يظهر للولي في هذا المقام بواطن كلام الله ويرى كل حرف من حروف القرآن بحرا موصلا الى كعبة المقصود ويصير لسان القارىء وقت تلاوة القرآن كالشجرة الموسوية»( ).

دائرة حقيقة الصلاة
دائرة المعبودية الصرفة
دائرة الحقيقة الموسوية
دائرة الحقيقة المحمدية.
دائرة الحقيقة الأحمدية
دائرة الحب الصرف: وتعني أن الحب هو سبب خلق الله لظهور الممكنات كما جاء في الحديث القدسي «كنت كنزا مخفيا فأردت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف». ونقلوا عن السرهندي «ان أول شيء ظهر من خزينة المكنونة الالهية هو الحب الذي صار سببا لخلقة الخلائق فلو لم يكن الحب لكان العالم معدوما محضا ويتحقق ههنا معنى الحديث القدسي الوارد في شأن النبي  « لولاك لما خلقت الأفلاك» وكذلك معنى الحديث «لولاك لما أظهرت الربوبية»( ).

دائرة اللاتعين: وهذا المقام مخصوص بسيد الأولين والآخرين.
فهذا طعن في النبوة والألوهية وهو اغتراف من معين عقائد الباطنيين والقرامطة والفلاسفة.


يرون الله في الدنيا

واختلف علماء بخارى في إمكان رؤية الله فمنهم من نفى ومنهم من أثبت فأتوا الى الشيخ محمد بارسا وقالوا له: إنا رضيناك حكما علينا في هذه المسئلة. فقال للنافين: أقيموا في صحبتي ثلاثة أيام متطهرين ولا تتكلموا بشيء ما حتى أجبكم، فلما مضت ثلاثة أيام حصل لهم حال قوي فصعقوا، فلما أفاقوا جعلوا يقبلون قدم الشيخ وقالوا: آمنا أن الرؤية حق»( ).

ويؤكد محمد أمين الكردي هذه الرؤية في الدنيا فيقول « فاذا جاهد فيه - أي الذكر - حق جهاده وصدق فيه: ظهرت النتيجة وهي: رؤية جناب الحق سبحانه وتعالى بعين البصيرة على الدوام والمداومة عليها مع المجاهدة التامة يكون دائما في التقرب وأبدا في التحبب حتى تنتهي مراقبته الى المشاهدة من غيرحجاب» وقد أثبت السرهندي رؤية النبي ربه في الدنيا( ).

ختم الخواجكان
ولهذا الختم عند الطريقة شرطان:
أن لا يحضر فيه أجنبي ولا أمرد:
أن يغلق الباب. وهو شرط يرمز عندهم الى كتم الطريقة ومراسيمها حتى لا تتعرض لألسنة النقاد( ).
• وقد يصاب من لم يحصل له الاتصال بسلسلة الطريقة عند ذكر ختم الخواجكان جنون وصرع. قال صاحب الرشحات « حصل لي اضطراب قوي لعدم حصول نسبة الخواجكان قدس الله أرواحهم، فكنت أضرب رأسي على الأرض في الليالي المظلمة وأخرج في النهار الى الصحراء أبكي فيها»( ).

وهذا الضرب دائم عندهم. فقد حكى صاحب الرشحات أن أحد مشايخ النقشبندية كان معتكافا في المسجد لا يأكل ولا يشرب فلما عزم على الخروج من المسجد ليأكل ألقى الله اليه الهاما ربانيا أن: بعت صحبتنا على خبز؟ قال: فرجعت المسجد ثانية ولطمت وجهي بيدي حتى بقي أثر الضرب فيه أسبوعا»( ).

الخلوة وشروطها

ولا يمكن الوصول عند النقشبندية الى الله الا بالخلوة، أقلها ثلاثة أيام وأكملها أربعون يوما.
وأهم شروط هذه الخلوة:
استئذان الشيخ وطلب الدعاء منه.
العزلة وتعوّد السهر والجوع والذكر.
أن لا يسند ظهره الى الجدار!!!
أن يكون مستيقظا من أعدائه الأربعة: الشيطان والنفس والهوى والدنيا.
أن يغلق الباب وهو من أهم شروط الخلوة وأن لا يفتح الباب لمن يريد التبرك به الا لشيخه( ).
أن يرى كل نعمة حصلت له انما هي من شيخه ( ).


طقوس أخرى

وقوف زماني: وشروطه وآدابه ما يلي:
لا يتحدث بعد صلاة العشاء
يصلي اثني عشرة ركعة في كل ركعة منها الفاتحة وسورة يس وان لم يستطع يقطعها في الركعات الثمان:
في الركعة الأولى الى (وأجر كبير) وفي الثانية الى (وهم مهتدون) وفي الثالثة الى (لدينا محضرون) وفي الرابعة الى (في فلك يسبحون) وفي الخامسة الى (ولا الى أهلهم يرجعون) وفي السادسة الى (هذا صراط مستقيم) وفي السابعة الى (فهم لها مالكون) وفي الثامنة الى آخر السورة( ).
واشترطوا على المريد لبس الخرقة وزعموا أن السلف اشترطوا في لبسها شروطا معينة ( ).




طقوس أخرى:

وقوف زماني: وشروطه وآدابه ما يلي:
لا يتحدث بعد صلاة العشاء
يصلي اثني عشرة ركعة في كل ركعة منها الفاتحة وسورة يس وان لم يستطع يقطعها في الركعات الثمان:
في الركعة الأولى الى (وأجر كبير) وفي الثانية الى (وهم مهتدون) وفي الثالثة الى (لدينا محضرون) وفي الرابعة الى (في فلك يسبحون) وفي الخامسة الى (ولا الى أهلهم يرجعون) وفثي السادسة الى (هذا صراط مستقيم) وفي السابعة الى (فهم لها مالكون) وفي الثامنة الى آخر السورة( ).
واشترطوا على المريد لبس الخرقة وزعموا أن السلف اشترطوا في لبسها شروطا معينة( ).

أهم الكتب النقشبندبة

ومن أراد مزيد التوسع في معرفة هذه الطريقة فعليه بأهم المراجع التالية
1. إرغام المريد لتوسل المريد برجال الطريقة النقشبندية. لمحمد بن زاهد الدوزجوي. ت 1370.
2. أصفى الموارد من سلسال أحوال الامام خالد. تأليف عثمان بن سند الوائلي النجدي.
3. الأنوار القدسية في مناقب السادة النقشبندية جمعها من كتب عبد المجيد بن محمد الخاني الشيخ ابراهيم بن يس السنهوتي. ط السعادة بمصر.
4. البهجة السنية في آداب الطريقة النقشبندية. محمد بن عبد الله الخاني.
5. أوراد الذاكرين أوراد الطريقة النقشبندية. لمحمد الحبش. ط دار المحبة، دمشق.
6. البهجة السنية في آداب الطريقة العلية النقشبندية محمد بن عبد الله الخاني. ط مكتبة الاخلاص تركيا.
7. جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم. أحمد ضياء الدين الكشمخانلي ط الجمالية بمصر 1328 وقد أثنى الكوثري على هذا الكتاب بالغ الثناء.
8. الحديقة الندية في الطريقة النقشبندية محمد بن سليمان النقشبندي. ط الاخلاص.
9. تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب محمد أمين الكردي. ط دار احياء التراث العربي. بيروت.
10. الحدائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية عبد المجيد بن محمد الخاني 1306.
11. الرحمة الهابطة في ذكر اسم الذات والرابطة للشيخ حسين الدوسري بهامش مكتوبات السرهندي ط: دار الكتب العلمية.
12. رشحات عين الحياة لعلي بن الحسن الواعظ الهروي وهذا الكتاب فيه كفريات عجيبة ومع ذلك فهو كتاب عظيم عندهم، وكان الكوثري يحيل الناس اليه . واستحسنه واحتج به خالد البغدادي الملقب بذي الجناحين في كتابه (رسالة في تحقيق الرابطة 3 ضمن كتاب علماء المسلمين وجهلة الوهابيين ط: مكتبة الحقيقة - تركيا وهي مكتبة متخصصة في بث كتب البدع والشرك والطعن في أهل السنة. وبالرغم من تخصصها في بث الشرك فقد جعلوا لها وقفا باسم " وقف الاخلاص". .
13. السبع الأسرار في مدارج الأخيار محمد بن معصوم المجددي ط تركيا - 1331.
14. السعادة الأبدية فيما جاء به النقشبندية عبد المجيد بن محمد الخالني الخالدي. ط الاخلاص بتركيا.
15. مكتوبات الامام الفاروقي السهرهندي. ط دار الكتب العلمية.
16. المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية محمد أمين الكردي. ط السعادة سنة 1329.
17. نور الهداية والعرفان في سر والتوجه وختم الخواجكان. محمد أسعد صاحب زادة النقشبندي. ط المطبعة العلمية بمصر 1311.
18. كتاب: الشيخ محمد الحامد العلامة المجاهد. تأليف عبد الحميد طهماز


مؤلفات ومقالات عن الطريقة النقشبندية

كتاب النقشبندية عبد الرحمن دمشقية ط: دار طيبة.
كتاب النقد والتزييف. ط: المكتب الاسلامي.
كنت نقشبنديا مقالة للشيخ محمد جميل زينو (مجلة الاستجابة العدد الرابع - مركز الملك فيصل 50704).
الطرق الصوفية ومشايخها في طرابلس د. محمد درنيقة
حاشية على شرح الخريدة البهية أحمد بن محمد الخلوتي الصاوي (مركز الملك فيصل 31924).
تراجم اسلامية (ناصر عبيد الله أحرار) يحيى الساعاتي (مركز الملك فيصل 37801).
الطرق الصوفية في آسيا الكسندر بنغسين (مركز الملك فيصل 54201).
الطرق الصوفية في شمال القوقاز لشانتال لوميرسيه (مركز الملك فيصل 54201).

Mengenai Saya

anda ingin beselancar internet dengan bahasa arab silahkan klil disini!